للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القول الثاني: يصح البيع، وله خيار الرؤية، وافق الوصف، أم لم يوافق، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، والثوري، والأوزاعي.

القول الثالث: يصح البيع، ويجوز إذا وصفه له وصفًا صحيحًا، فإذا وافق الوصف؛ فلا خيار له، وإن لم يوافق؛ فهو بالخيار، وهو قول الجمهور، ومنهم: مالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر، وأبو عبيد، والشافعي في القديم.

قلتُ: وهذا القول هو الصواب، ويمكن أن يُستَدلَّ له بالسَّلم؛ فإنَّ السلم يجوز مع كونه مؤخَّرًا إذا كان موصوفًا، فهذا من باب أولى، والله أعلم. (١)

[مسألة [٥]: بيع الأعمى وشراؤه.]

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ٣٠٢): فَأَمَّا بَيْعُ الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ مَعْرِفَةُ الْمَبِيعِ بِالذَّوْقِ إنْ كَانَ مَطْعُومًا، أَوْ بِالشَّمِّ إنْ كَانَ مَشْمُومًا؛ صَحَّ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ؛ جَازَ بَيْعُهُ كَالْبَصِيرِ، وَلَهُ خِيَارُ الْخَلْفِ فِي الصِّفَةِ.

وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَثْبَتَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهُ الْخِيَارَ إلَى مَعْرِفَتِهِ بِالْمَبِيعِ، إمَّا بِحِسِّهِ، أَوْ ذَوْقِهِ، أَوْ وَصْفِهِ.

وَقَالَ عُبَيْدُ الله بْنُ الْحَسَنِ: شِرَاؤُهُ جَائِزٌ، وَإِذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِالنَّظَرِ إلَيْهِ؛ لَزِمَهُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ بَيْعُ الْمَجْهُولِ، أَوْ يَكُونُ قَدْ رَآهُ بَصِيرًا، ثُمَّ اشْتَرَاهُ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَتَغَيَّرُ الْمَبِيعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ


(١) انظر: «الفتح» (٢١٤٦) «التمهيد» (١٢/ ٢١١ - ) «المجموع» (٩/ ٣٠١) «الأوسط» (١٠/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>