للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أيضًا (٢٢٦٢)، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.

وأما الإجماع: فقد أجمع المسلمون على مشروعية الإجارة في الجملة؛ إلا ما حُكي عن الأصم من المنع، وهو عن الحق أصم. (١)

مسألة [٣]: هل الإجارة تعتبر بيعًا؟

• أطلق كثير من الفقهاء أنها تعتبر بيعًا، وأنكر ذلك ابن حزم -رحمه الله-؛ لأنها لو كانت بيعًا؛ لكان بيعًا لما لا يوجد وللمعدوم، وهذا لا يجوز، وحجة الجمهور في كونها بيعًا أنها عبارة عن معاوضة، فأحدهم يبذل مالًا، والآخر يبذل المنافع.

قال ابن القيم -رحمه الله- في «أعلام الموقعين» (٢/ ٤ - ٦): إنْ أَرَدْتُمْ بِهِ الْبَيْعَ الْخَاصَّ الَّذِي يَكُونُ الْعَقْدُ فِيهِ عَلَى الْأَعْيَانِ لَا عَلَى الْمَنَافِعِ؛ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِهِ الْبَيْعَ الْعَامَّ الَّذِي هُوَ مُعَاوَضَةٌ إمَّا عَلَى عَيْنٍ، وَإِمَّا عَلَى مَنْفَعَةٍ؛ فَصَحِيْحٌ؛ فَإِنَّ الشَّارِعَ جَوَّزَ الْمُعَاوَضَةَ عَلَى المَعْدُومِ؛ فَإِنْ قِسْتُمْ بَيْعَ الْمَنَافِعِ عَلَى بَيْعِ الْأَعْيَانِ؛ فَهَذَا قِيَاسٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ؛ فَإِنَّ الْمَنَافِعَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْقَدَ عَلَيْهَا فِي حَالِ وُجُودِهَا أَلْبَتَّةَ، بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ، وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَهَا الْحِسُّ وَالشَّرْعُ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ أَنْ يُؤَخَّرَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَعْيَانِ الَّتِي لَمْ تُخْلَقْ إلَى أَنْ تُخْلَقَ، كَمَا نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ، وَحَبَلَ الْحَبَلَةِ، وَالثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَالْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ، وَنَهَى عَنْ الْمَلَاقِيحِ، وَالْمَضَامِينِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا يَمْتَنِعُ مِثْلُهُ فِي الْمَنَافِعِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تُبَاعَ إلَّا فِي حَالِ عَدَمِهَا. انتهى المراد بتصرف. (٢)


(١) انظر: «المغني» (٨/ ٥) «الشرح الكبير» (٧/ ٢٨٢).
(٢) وانظر: «المغني» (٨/ ٧) «المحلى» (١٢٨٦) «تكملة المجموع» (١٥/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>