• وحُكي عن سعيد بن المسيب أنه من فروض الأعيان. واستُدِلَّ لهذا القول بقوله تعالى:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}[التوبة:٤١]، وقوله:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ}[البقرة:٢١٦]، وبحديث أبي هريرة، وأنس -رضي الله عنهما- اللذين في الكتاب.
واستدل الجمهور على عدم فرضيته عينيًّا بقوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}[النساء:٩٥]، وهذا يدل على أنَّ القاعدين غير آثمين مع جهاد غيرهم.
واستدلوا بقوله تعالى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[التوبة:١٢٢]، وكان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يبعث البعوث، والسرايا، ويبقى.
وأما قوله تعالى:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}[التوبة:٤١]، فقيل: إنها منسوخة. وقيل: محكمة وهو الصحيح، والمراد بها إذا تعين ذلك باستنفار الإمام، أو حلول العدو في البلد، والله أعلم. (١)
[مسألة [٤]: أحوال تعين الجهاد.]
هناك أحوال يتعين فيها الجهاد، وهي:
الأولى: إذا التقى الزحفان، وتقابل الصَّفَّان؛ حرم على من حضر الانصراف،