للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِنَا فِيمَا إذَا تَعَيَّبَ الْهَدْيُ، فَأَبْدَلَهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِهِ مَا شَاءَ. أَوْ يَرْجِعَ إلَى مِلْكِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَبَحَ مَا فِي الذِّمَّةِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ آخَرُ، كَمَا لَوْ عَطِبَ الْمُعَيَّنُ. وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.

وَوَجْهُ الْأَوَّلِ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا أَهْدَتْ هَدْيَيْنِ، فَأَضَلَّتْهُمَا، فَبَعَثَ إلَيْهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ هَدْيَيْنِ، فَنَحَرَتْهُمَا، ثُمَّ عَادَ الضَّالَّانِ، فَنَحَرَتْهُمَا، وَقَالَتْ: هَذِهِ سُنَّةُ الْهَدْيِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ (١).

وَهَذَا يَنْصَرِفُ إلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلِأَنَّهُ تَعَلَّقَ حَقُّ اللَّهِ بِهِمَا بِإِيجَابِهِمَا، أَوْ ذَبْحِ أَحَدِهِمَا وَإِيجَابِ الْآخَرِ. اهـ. (٢)

مسألة [١٦٩]: مسألة: إن عيَّن معيبًا عمَّا في ذمته، فما حكم ذلك؟

قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٥/ ٤٣٦): وَإِنْ عَيَّنَ مَعِيبًا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، لَمْ يُجْزِهِ، وَلَزِمَهُ ذَبْحُهُ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي الْأُضْحِيَّةِ، إذَا عَيَّنَهَا مَعِيبَةً لَزِمَهُ ذَبْحُهَا، وَلَمْ يُجْزِهِ.

وَإِنْ عَيَّنَ صَحِيحًا فَهَلَكَ، أَوْ تَعَيَّبَ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ وَاجِبًا فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ لَمْ يَجِبْ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ، فَسَقَطَ بِتَلَفِهَا لِأَصْلِ


(١) أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٤٢)، وكذلك إسحاق (٦٩٥، و ٦٩٦)، وابن أبي شيبة (٣/ ٧٤٩)، وابن خزيمة (٢٩٢٥)، والبيهقي (٥/ ٢٤٤)، ورواية الدارقطني من طريق سعد بن سعيد الأنصاري، وفي حفظه ضعف، وقد تفرد بالزيادة: (هذه سنة الهدي)، ورواية الباقين من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وهي رواية صحيحة، وليس فيها هذه الزيادة.
(٢) وانظر: «البيان» (٤/ ٤٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>