للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَتَعَيَّنَ جَعْلُهُ فِي الصِّفَةِ؛ وَلِأَنَّ مَا دُونَهُ أَخَفُّ مِنْهُ عَدَدًا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ فِي إيلَامِهِ وَوَجَعِهِ؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا، أَوْ زِيَادَةِ الْقَلِيلِ عَلَى أَلَمِ الْكَثِيرِ. اهـ

ورجَّح الشوكاني -رحمه الله- قول مالك كما في «السيل» (ص ٨٤٥)، وهو الأقرب، والله أعلم.

مسألة [٢]: إذا كان الزاني مريضًا؟

• إذا كان المرض مرضًا يُرجى برؤه، ففيه قولان:

الأول: يُجلد الحد، ولا يؤخر. وهو قول إسحاق، وأبي ثور، وجماعة من الحنابلة؛ لأنه نُقل عن عمر -رضي الله عنه- أنه أقام حد الشرب على قدامة بن مظعون وهو مريض؛ ولأنَّ الحدَّ واجبٌ؛ فلا يؤخر ما أوجبه الله بغير حجة.

الثاني: يؤخر الحد حتى يبرأ من مرضه. وهذا قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وجماعة من الحنابلة. واستدلوا بحديث علي -رضي الله عنه- في «صحيح مسلم» (١٧٠٥) أنَّ أمةً لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- زنت، فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديثة عهد بنفاس، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فقال: «أحسنت». ولأنَّ في تأخيره إقامة الحد على الكمال من غير إتلاف؛ فكان أولى.

وأما حديث عمر -رضي الله عنه- في جلد قدامة؛ فإنه إن صح ذلك يحتمل أن يكون مرضًا خفيفًا لا يمنع من إقامة الحد على الكمال، وهذا القول هو الصحيح، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>