للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْقِصَاصُ فِيهِ؛ لِانْتِهَائِهِ إلَى مَفْصِلٍ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَيُؤْخَذُ جَفْنُ الْبَصِيرِ بِجَفْنِ الْبَصِيرِ وَالضَّرِيرِ، وَجَفْنُ الضَّرِيرِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِي السَّلَامَةِ مِنْ النَّقْصِ، وَعَدَمُ الْبَصَرِ نَقْصٌ فِي غَيْرِهِ، لَا يَمْنَعُ أَخْذَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، كَالْأُذُنِ إذَا عَدِمَ السَّمْعَ مِنْهَا. اهـ (١)

[مسألة [٢٤]: القصاص في الأذن.]

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١١/ ٥٤١): أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْأُذُنَ تُؤْخَذُ بِالْأُذُنِ؛ وَذَلِكَ لِقَوْلِ الله تَعَالَى: {وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ} [المائدة:٤٥]؛ وَلِأَنَّهَا تَنْتَهِي إلَى حَدٍّ فَاصِلٍ، فَأَشْبَهَتْ الْيَدَ. وَتُؤْخَذُ الْكَبِيرَةُ بِالصَّغِيرَةِ، وَتُؤْخَذُ أُذُنُ السَّمِيعِ بِأُذُنِ السَّمِيعِ، وَتُؤْخَذُ أُذُنُ الْأَصَمِّ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا؛ لِتَسَاوِيهِمَا؛ فَإِنَّ ذَهَابَ السَّمْعِ نَقْصٌ فِي الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ، وَلَيْسَ بِنَقْصٍ فِيهِمَا.

قال: وَتُؤْخَذُ الصَّحِيحَةُ بِالْمَثْقُوبَةِ؛ لِأَنَّ الثُّقْبَ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَإِنَّمَا يُفْعَلُ فِي الْعَادَةِ لِلْقُرْطِ وَالتَّزَيُّنِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الثُّقْبُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، أَوْ كَانَتْ مَخْرُومَةً؛ أُخِذَتْ بِالصَّحِيحَةِ، وَلَمْ تُؤْخَذْ الصَّحِيحَةُ بِهَا؛ لِأَنَّ الثُّقْبَ إذَا انْخَرَمَ صَارَ نَقْصًا فِيهَا، وَالثُّقْبُ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ عَيْبٌ، وَيُخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ أَخْذِ الدِّيَةِ إلَّا قَدْرَ النَّقْصِ، وَبَيْنَ أَنْ يَقْتَصَّ فِيمَا سِوَى الْمَعِيبِ وَيَتْرُكَهُ مِنْ أُذُنِ الْجَانِي. وَفِي وُجُوبِ الْحُكُومَةِ لَهُ فِي قَدْرِ الثُّقْبِ وَجْهَانِ.

قال: وَإِنْ قُطِعَتْ بَعْضُ أُذُنِهِ؛ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ أُذُنِ الْجَانِي بِقَدْرِ مَا قُطِعَ مِنْهُ، وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ بِالْأَجْزَاءِ. اهـ (٢)

مسألة [٢٥]: إن قطع رجلٌ أذن إنسان، ثم ألصقها صاحبها، فالتصقت، فهل فيها القصاص؟

• من أهل العلم من قال: فيها القصاص، أو الدية. وهذا قول الثوري، والشافعي، وإسحاق، وبعض الحنابلة؛ لأنَّ القصاص يجب بالإبانة، وقد وجدت.

• ومنهم من يقول: لا قصاص فيها. وهو قول مالك، وبعض الحنابلة؛ لأنها لم


(١) وانظر: «البيان» (١١/ ٣٦٧).
(٢) وانظر: «البيان» (١١/ ٣٦٨ - ).

<<  <  ج: ص:  >  >>