للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسألة [١٨]: هل للمضارب أن يدفع المال إلى غيره ليضارب به؟]

قال أبو محمد بن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٧/ ١٥٦): وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ دَفْعُ الْمَالِ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، وَحَرْبٍ، وَعَبْدِالله، قَالَ: إنْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ، وَإِلَّا فَلَا. وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجْهًا فِي جَوَازِ ذَلِكَ؛ بِنَاءً عَلَى تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ.

وَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّخْرِيجُ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْوَكِيلِ مُمْتَنِعٌ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ هَاهُنَا لِيُضَارِبَ بِهِ، وَبِدَفْعِهِ إلَى غَيْرِهِ مُضَارَبَةً يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مُضَارِبًا بِهِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا يُوجِبُ فِي الْمَالِ حَقًّا لِغَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ إيجَابُ حَقٍّ فِي مَالِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ.

قال: وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَلَا أَعْرِفُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافَهُمْ. اهـ

قال ابن رشد -رحمه الله- في «بداية المجتهد» (٤/ ٣١): ولم يختلف هؤلاء المشاهير من فقهاء الأمصار أنه إن دفع العامل رأس مال القراض إلى مقارض آخر أنه ضامن إن كان خسران، وإن كان ربح؛ فذلك على شرطه، ثم يكون للذي عمل شرطه على الذي دفع إليه، فيوفيه حظه مما بقي من المال، وقال المزني عن الشافعي: ليس له إلا أجرة مثله؛ لأنه عمل على فساد. اهـ

تنبيه: إذا أذن رب المال للمضارب أن يدفع المال إلى غيره مضاربة؛ جاز ذلك، قال ابن قدامة: نصَّ عليه أحمد، ولا أعلم فيه خلافًا. اهـ «المغني» (٧/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>