ومع هذا فإن كبار الصحابة لم يواصلوا كأبي بكر، وعمر، وغيرهما ممن هو أسبق إلى فعل الخيرات ممن واصل، والله أعلم. (١)
مسألة [٣]: الوصال إلى السَّحَر.
• ذهب أحمد، وإسحاق، وابن المنذر، وابن خزيمة، وجماعةٌ من المالكية إلى جواز الوصال إلى السَّحر؛ لحديث أبي سعيد عند البخاري (١٩٦٣)، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«فأيُّكم أراد أن يواصل؛ فليواصل إلى السَّحَر».
واستدل من منع بقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إذا أدبر النهار من هاهنا، وأقبل الليل من هاهنا؛ فقد أفطر الصائم» متفق عليه عن عمر -رضي الله عنه-؛ إذ لم يجعل الليل محلًّا لسوى الفطر، فالصوم فيه مخالفة لوضعه كيوم الفطر.
والجواب عن ذلك:
هو ما قاله الإمام الصنعاني -رحمه الله- في «سبل السلام» بعد أن ذكر الحديث الذي استدل به المخالِف: فإنه لا ينافي الوصال؛ لأنَّ المراد بـ (أفطر) دخل وقت الإفطار، لا أنه صار مُفطِرًا حقيقةً؛ لأنه لو صار مُفطِرًا حقيقةً لما ورد الحث على التعجيل بالإفطار، ولا النهي عن الوصال، ولا استقام الإذن بالوصال إلى السحر. اهـ