استقبال القبلة شرطٌ من شروط صحة الصلاة؛ إلا في حالتين، وذلك بإجماع أهل العلم، نقل الإجماع ابن حزم، وابن رشد، والنووي، وغيرهم؛ لقوله تعالى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة:١٤٤]، والحالتان هما: صلاة النافلة على الراحلة في السفر، وصلاة المطلوب الخائف. (١)
[مسألة [٢]: هل يستقبل عين القبلة، أو جهتها؟]
أما من عاين الكعبة؛ فيجب عليه استقبال عينها بالإجماع، نقله ابن عبدالبر في «التمهيد»(١٧/ ٥٤)، وابن قدامة في «المغني»(٢/ ١٠٠).
وأما من لم يشاهدها؛ فجمهور العلماء على أنه يجب عليه الجهة؛ لقوله تعالى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، أي: جهته، ولحديث أبي هريرة الذي في الباب، ولأنَّ استقبال عينها للبعيد غير مستطاع، وخالف الشافعي في قولٍ، فأوجب استقبال عينها، والراجح قول الجمهور.
قال ابن رجب -رحمه الله- في «الفتح»(٢/ ٢٩٦): وقد أجمعت الأمة على صحة الصف المستطيل مع البعد عن الكعبة، مع العلم بأنه لا يمكن أن يكون كل واحد منهم مستقبلًا لعينها بحيث أنه لو خرج من وسط وجهه خط مستقيم لوصل إلى الكعبة على الاستقامة؛ فإن هذا لا يمكن إلا مع التقوس ولو شيئًا يسيرًا، وكلما كثر البعد قلَّ هذا التقوس، لكن لابد منه، ومن حكى عن الإمام أحمد رواية