قال أبو عبد الله غفر الله له: إن كان المُسْلَم إليه قد وفَّر المُسَلَم فيه، ثم أراد تحويله فلا يجوز ذلك إلا برضا الطرفين، ولا يجوز للمُسِلم أن يربح فيه كما أشار ابن عباس -رضي الله عنهما-؛ فيأخذ أقل مما كان له؛ لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ربح مالم يضمن.
وإن كان المُسَلمُ إليه لم يستطع توفير المُسْلم فيه، فللمُسِلم أن يأخذ بماله الذي أعطاه أي شيء يتفقان عليه، وبالله التوفيق.
مسألة [٣٢]: هل يجوز أخذ الرهن، أو الكفيل في السَّلم؟
• الأشهر في مذهب الحنابلة المنع من ذلك، ورُويت الكراهة أيضًا عن الحسن، وسعيد بن جبير، والأوزاعي، وحجتهم في ذلك أن الرهن والضمين إن أخذا برأس مال السلم؛ فقد أخذا بما ليس بواجب، ولا مآله إلى الوجوب؛ لأنَّ ذلك قد ملكه المسلم إليه، وإن أخذا بالمسلم فيه؛ فالرهن إنما يجوز بشيء يمكن استيفاؤه من ثمن الرهن، والمسلم فيه لا يمكن استيفاؤه من الرهن ولا من ذمة الضامن، ولأنه لا يأمن هلاك الرهن في يده، وإن بعد، فيصير مستوفيًا لحقه من غير المسلم فيه، وقد قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره»، وهو حديث ضعيف كما تقدم. وقد نقل عن علي -رضي الله عنه- كراهة ذلك، أخرجه ابن المنذر في «الأوسط»(١٠/ ٢٩٩) من طريق أبي عياض، عنه، وأبو عياض هو مسلم بن نذير السعدي الكوفي، مجهول الحال. وأسند ابن المنذر (١٠/ ٢٩٩) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، بإسناد حسن، أنه كان يكره الرهن، والقبيل في السلف. وعن ابن عمر بإسناد صحيح، أنه قال: ذلك الربا المضمون.