قال النووي -رحمه الله- في «المجموع»(٧/ ٧): الحجُّ فرضُ عينٍ على كل مستطيع بإجماع المسلمين، وتظاهرت على ذلك دلائل الكتاب والسنة، وإجماع الأمة. اهـ
وقال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني»(٥/ ٥): وأجمعت الأمة على وجوب الحج على المستطيع في العمر مرةً واحدة. اهـ
قلتُ: ودليل الوجوب قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران: ٩٧]، وقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «بُني الإسلام على خمسٍ ... »، وذكر منها:«حج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا»، وقد استدل على الوجوب أيضًا بأحاديث الباب، وتقدم أنَّ فيها ضعفًا.
[مسألة [٢]: حكم العمرة.]
• في هذه المسألة قولان:
القول الأول: الوجوب، وهو قول أحمد، والشافعي في الجديد، وعليه أكثر أصحابه، وإسحاق، والثوري، وغيرهم، وقال به من التابعين: عطاء، وابن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن، وابن سيرين، والشعبي، وصحَّ هذا عن جماعة من الصحابة، كعمر، وابنه، وعبدالله بن عباس، وزيد بن ثابت -رضي الله عنهم-، كما في «مصنف ابن أبي شيبة»(٤/ ٣٠٥)، والبيهقي (٤/ ٣٥١)، وغيرهما.
واستدل على الوجوب بحديث عائشة -رضي الله عنها-، الذي في الباب:«عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ»، وممن استدل به: ابن خزيمة -رحمه الله- في «صحيحه»، وقد تقدم الكلام عليه، واستدل ابن عباس -رضي الله عنهما-، بقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البقرة:١٩٦]، قال: والله إنها لقرينتها في كتاب الله.
واستدل أحمد وغيره بحديث أبي رزين العقيلي، أنه قال للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: إنَّ أبي شيخٌ كبير، لا يستطيع الحج ولا العمرة، ولا الظَّعن، فقال:«حج عن أبيك واعتمر». (١)
وذكر أحمد -رحمه الله- أنَّ هذا الحديث أصح حديث يدل على وجوب العمرة.
وقد صححه شيخنا -رحمه الله- في «الجامع الصحيح»(٢/ ٣٣٩)، وبَوَّبَ عليه:[باب وجوب العمرة].
وأخرج أبو داود (١٧٩٨)، والنسائي (٥/ ١٤٦ - ١٤٧)، وغيرهما بإسناد صحيح عن الصبي بن معبد أنه قال لعمر بن الخطاب: إني وجدت الحج والعمرة
(١) أخرجه أحمد (٤/ ١٠، ١١، ١٢)، وأبو داود (١٨١٠)، وابن ماجه (٢٩٠٦)، والترمذي (٩٣٠)، والنسائي (٥/ ١١١) (٥/ ١١٧)، وإسناده صحيح.