للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وقال أبو حنيفة: لا قود في ذلك؛ إلا أن يكون قتله بالنار. وعنه في مثقل الحديد روايتان، واحتج بقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «ألا إنَّ في قتيل عمد الخطإ، قتيل السوط، والعصا، والحجر مائة من الإبل ... »، فأوجب فيه الدية دون القصاص، وسمَّاه عمد الخطإ؛ ولأنَّ العمد لا يمكن اعتباره بنفسه، فيجب ضبطه بمظنته، ولا يمكن ضبطه بما يقتل غالبًا؛ لحصول العمد بدونه في الجرح الصغير؛ فوجب ضبطه بالجرح.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في الرد عليه: أَمَّا الْحَدِيثُ، فَمَحْمُولٌ عَلَى الْمُثْقَلِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْعَصَا وَالسَّوْطَ، وَقَرَنَ بِهِ الْحَجَرَ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَا يُشْبِهُهُمَا.

وَقَوْلُهُمْ: لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ. مَمْنُوعٌ؛ فَإِنَّنَا نُوجِبُ الْقِصَاصَ بِمَا نَتَيَقَّنُ حُصُولَ الْغَلَبَةِ بِهِ، وَإِذَا شَكَكْنَا؛ لَمْ نُوجِبْهُ مَعَ الشَّكِّ، وَصَغِيرُ الْجُرْحِ قَدْ سَبَقَ الْقَوْلُ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَبْطُهُ بِالْجُرْحِ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَتَلَهُ بِالنَّارِ، أَوْ بِمُثْقَلِ الْحَدِيدِ. اهـ (١)

[مسألة [٤]: إذا ضربه بالعصا، والسوط، والحجر الصغير؟]

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١١/ ٤٤٩): النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ يَضْرِبَهُ بِمُثْقَلٍ صَغِيرٍ، كَالْعَصَا، وَالسَّوْطِ، وَالْحَجَرِ الصَّغِيرِ، أَوْ يَلْكُزَهُ بِيَدَيْهِ فِي مَقْتَلٍ، أَوْ فِي حَالِ ضَعْفٍ مِنْ المَضْرُوبِ؛ لَمَرَضٍ، أَوْ صِغَرٍ، أَوْ فِي زَمَنٍ مُفْرِطِ الْحَرِّ، أَوْ الْبَرْدِ، بِحَيْثُ تَقْتُلُهُ تِلْكَ الضَّرْبَةُ، أَوْ كَرَّرَ الضَّرْبَ حَتَّى قَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَفِيهِ الْقَوَدُ؛


(١) انظر: «المغني» (١١/ ٤٤٦ - ٤٥٥) «الشرح الممتع» (٦/ ٣٦ - ٣٧) «البيان» (١١/ ٣٣٤ - ٣٤٨)، «السيل» (ص ٨٨٧) «الأوسط» (١٣/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>