للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للواقف. فإنه يقول: الأرش على الواقف. وعلى القول الصحيح أنها ليست ملكًا لواحد منهما؛ فمنهم من قال: الأرش يكون في كسب هذا العبد الجاني. وقيل: في بيت المال. ومنهم من قال: على الواقف أيضًا. ويظهر لي، والله أعلم، أن الجناية إن كانت خطأً؛ فتكون في بيت المال، وإن كانت عمدًا؛ فتكون من كسب العبد، وإذا كرر العبد الجناية عمدًا فللقاضي أن يعزره، والله أعلم. (١)

مسألة [٤٤]: إذا جُني على العبد الموقوف بجناية توجب مالاً؟

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٢٢٦): وَإِنْ جُنِيَ عَلَى الْوَقْفِ جِنَايَةٌ مُوجِبَةٌ لِلْمَالِ؛ وَجَبَ؛ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ لَمْ تَبْطُلْ، وَلَوْ بَطَلَتْ مَالِيَّتُهُ لَمْ يَبْطُلْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ الْحُرَّ يَجِبُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ؛ فَإِنْ قُتِلَ؛ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ، وَلَيْسَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْعَفْوُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهَا، وَيُشْتَرَى بِهَا مِثْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَقْفًا. وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يَخْتَصُّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ إنْ قُلْنَا: إنَّهُ يَمْلِكُ الْمَوْقُوفَ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مِلْكِهِ.

قال: وَلَنَا أَنَّهُ مِلْكُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ؛ فَلَمْ يَخْتَصَّ بِبَدَلِهِ، كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمَرْهُونِ، وَبَيَانُ عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ ظَاهِرٌ؛ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْبَطْنِ الثَّانِي؛ فَلَمْ يَجُزْ إبْطَالُهُ. وَلَا نَعْلَمُ قَدْرَ مَا يَسْتَحِقُّ هَذَا مِنْهُ فَنَعْفُوَ عَنْهُ؛ فَلَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ. اهـ (٢)


(١) انظر: «المغني» (٨/ ٢٢٥) «البيان» (٨/ ٧٩ - ٨٠) «الإنصاف» (٧/ ٤٠ - ٤١).
(٢) وانظر: «البيان» (٨/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>