يُجْبَرُ أَيْضًا لِذَلِكَ. الثَّانِي: يُجْبَرُ عَلَى الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَلْحَقُهَا وَإِنْ لَمْ تُقْطَعْ، وَالْأُصُولُ تَسْلَمُ بِالْقَطْعِ، فَكَانَ الْقَطْعُ أَوْلَى. وَلِلشَّافِعِي قَوْلَانِ كَالْوَجْهَيْنِ. اهـ
قلتُ: والوجه الثاني أقرب، والله أعلم. (١)
مسألة [٨]: إذا باع شجرًا وفيه ثمر للبائع، فحدثت ثمرة أخرى؟
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ١٣٨): وَإِذَا بَاعَ شَجَرًا فِيهِ ثَمَرٌ لِلْبَائِعٍ، فَحَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى، أَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً فِي شَجَرِهَا، فَحَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى؛ فَإِنْ تَمَيَّزَتَا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَرَتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ إحْدَاهُمَا مِنْ الْأُخْرَى، فَهُمَا شَرِيكَانِ فِيهِمَا، كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ ثَمَرَتِهِ؛ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، اصْطَلَحَا عَلَيْهَا، وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمْ يَتَعَذَّرْ تَسْلِيمُهُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ.
ثم نقل عن الْقَاضِي أنه قال: إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ، فَحَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى، قِيلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ: اسْمَحْ بِنَصِيبِك لِصَاحِبِك؛ فَإِنْ فَعَلَهُ أَحَدُهُمَا، أَقْرَرْنَا الْعَقْدَ وَأَجْبَرْنَا الْآخَرَ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ يَزُولُ بِهِ النِّزَاعُ، وَإِنْ امْتَنَعَا، فَسَخْنَا الْعَقْدَ؛ لِتَعَذُّرِ وُصُولِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى قَدْرِ حَقِّهِ. وَإِنْ اشْتَرَى ثَمَرَةً، فَحَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى، لَمْ نَقُلْ لِلْمُشْتَرِي: اسْمَحْ بِنَصِيبِك؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ كُلُّ الْمَبِيعِ، فَلَا يُؤْمَرُ بِتَخْلِيَتِهِ كُلِّهِ، وَنَقُولُ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ؛ فَإِنْ سَمَحَ بِنَصِيبِهِ لِلْمُشْتَرِي أَجْبَرْنَاهُ عَلَى الْقَبُولِ، وَإِلَّا فُسِخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. اهـ
(١) وانظر: «تكملة المجموع» (١١/ ٤٠٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute