للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه الجزاء؛ فإنهم يرون أنه يُباح أكله، وبعضهم علل بأنَّ نابه ليس بقوي، وهذا لا يكفي في إخراجه من عموم النص السابق. (١)

تنبيه: هناك حيوانات أخرى مُخْتَلَفٌ فيها، هل فيها جزاء أم لا؟ وذلك بناءً على اختلافهم في جواز أكلها أم لا، فما أُبيح أكله؛ وجبَ فيه الجزاء، وما لا يُباح؛ فليس فيه الجزاء، وبيان ذلك إن شاء الله تعالى في [كتاب الأطعمة].

[مسألة [١٥]: ماذا يجب على من صاد وهو محرم من الجزاء؟]

بيان ذلك في قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: ٩٥] الآية.

قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: قَاتِلُ الصَّيْدِ مُخَيَّرٌ فِي الْجزَاءِ بِأَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، بِأَيِّهَا شَاءَ كَفَّرَ، مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ: أَنَّهَا عَلَى التَّرْتِيبِ، فَيَجِبُ الْمِثْلُ أَوَّلًا؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَطْعَمَ؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ. وَرُوِيَ هَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالثَّوْرِيِّ؛ لِأَنَّ هَدْيَ الْمُتْعَةِ عَلَى التَّرْتِيبِ. وَهَذَا أَوْكَدُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: أَنَّهُ لَا إطْعَامَ فِي الْكَفَّارَةِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ لِيَعْدِلَ الصِّيَامَ؛ لِأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْإِطْعَامِ قَدَرَ عَلَى الذَّبْحِ. هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَأَبِي عِيَاضٍ. اهـ

قال أبو عبد الله غفر الله له: الآية نصٌّ في التخيير بين الثلاثة الأمور؛ فالَّراجح


(١) وانظر: «المغني» (٥/ ٣٩٨ - ٣٩٩)، «المجموع» (٧/ ٤٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>