للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَخْفَى أَنَّ هُنَا مَقَامَيْنِ أَعْلَى وَأَدْنَى، فَالْأَعْلَى اِجْتِنَاب الْإِعْرَاض جُمْلَةً، فَيَبْذُل السَّلَام، وَالْكَلَام، وَالمُوَادَدَة بِكُلِّ طَرِيق، وَالْأَدْنَى الِاقْتِصَار عَلَى السَّلَام دُون غَيْره، وَالْوَعِيد الشَّدِيد إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ يَتْرُك المَقَام الْأَدْنَى، وَأَمَّا الْأَعْلَى فَمَنْ تَرَكَهُ مِنْ الْأَجَانِب فَلَا يَلْحَقهُ اللَّوْم، بِخِلَافِ الْأَقَارِب؛ فَإِنَّهُ يَدْخُل فِيهِ قَطِيعَة الرَّحِم. اهـ

وقال أيضًا (٦٠٧٧): قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز الْهِجْرَان فَوْق ثَلَاث إِلَّا لِمَنْ خَافَ مِنْ مُكَالَمَته مَا يُفْسِد عَلَيْهِ دِينه، أَوْ يُدْخِل مِنْهُ عَلَى نَفْسه أَوْ دُنْيَاهُ مَضَرَّة؛ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ جَازَ، وَرَبّ هَجْر جَمِيل خَيْر مِنْ مُخَالَطَة مُؤْذِيَة. اهـ

[مسألة [٢]: متى يخرج المتهاجران من الهجر؟]

أخرج الإمام أحمد (٤/ ٢٠)، من حديث هشام بن عامر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال؛ فإنهما ناكبان عن الحق ما داما على صرامهما، وأولهما فيئًا يكون سبقه بالفيء كفارة له، وإن سلم فلم يقبل، وردَّ عليه سلامه؛ ردت عليه الملائكة، وردَّ على الآخر الشيطان، وإن ماتا على صرامهما لم يدخلا الجنة جميعًا أبدًا»، وهو في «الصحيح المسند» لشيخنا -رحمه الله-، برقم (١١٨٦).

فهذا الحديث مع حديث الباب: «وخيرهما الذي يبدأ بالسلام»؛ فيهما دلالة على أنَّ الْمُسَلِّمَ منهما يخرج من الهجرة، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>