للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما قال أبو حنيفة، والعبرة بالمعاني لا بالألفاظ، وإن قصد مضاربة؛ فالراجح قول مالك، والله أعلم. (١)

[مسألة [٨]: إذا ضارب رجلين، فقال: لكما كذا وكذا من الربح. ولم يبين كم لكل واحد منهما؟]

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٧/ ١٤٣): وَيَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ مَالًا إلَى اثْنَيْنِ مُضَارَبَةً فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ؛ فَإِنْ شَرَطَ لَهُمَا جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ جَازَ، وَإِنْ قَالَ: لَكُمَا كَذَا وَكَذَا مِنْ الرِّبْحِ. وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفَ؛ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ قَوْلِهِ بَيْنَهُمَا يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، كَمَا لَوْ قَالَ لِعَامِلِهِ: وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا. وَإِنْ شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَ الرِّبْحِ وَلِلْآخَرِ رُبْعَهُ، وَجَعَلَ الْبَاقِيَ لَهُ؛ جَازَ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْعَمَلِ بِأَبْدَانِهِمَا، فَلَا يَجُوزُ تَفَاضُلُهُمَا فِي الرِّبْحِ كَشَرِيكَيْ الْأَبْدَانِ.

وَلَنَا: أَنَّ عَقْدَ الْوَاحِدِ مَعَ الِاثْنَيْنِ عَقْدَانِ، فَجَازَ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ. وَلِأَنَّهُمَا يَسْتَحِقَّانِ بِالْعَمَلِ وَهُمَا يَتَفَاضَلَانِ فِيهِ؛ فَجَازَ تَفَاضُلُهُمَا فِي الْعِوَضِ كَالْأَجِيرَيْنِ. وَلَا نُسَلِّمُ وُجُوبَ التَّسَاوِي فِي شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ، بَلْ هِيَ كَمَسْأَلَتِنَا فِي جَوَازِ تَفَاضُلِهِمَا، ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ ذَلِكَ عَقْدٌ وَاحِدٌ، وَهَذَانِ عَقْدَانِ. اهـ

قلتُ: والصحيح مذهب أحمد، والشافعي، والله أعلم.


(١) انظر: «المغني» (٧/ ١٤٢) «الإنصاف» (٥/ ٣٨٦) «بداية المجتهد» (٤/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>