للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسألة [٢٠]: الوقف على الأغنياء فقط.]

• قال شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى» (٣١/ ٣١ - ): وتنازعوا في الوقف على جهة مباحة، كالوقف على الأغنياء، على قولين مشهورين، والصحيح الذى دلَّ عليه الكتاب، والسنة، والأصول: أنه باطل أيضًا؛ لأن الله سبحانه قال في مال الفيء: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر:٧]، فأخبر سبحانه أنه شرع ما ذكره لئلا يكون الفيء متداولًا بين الأغنياء دون الفقراء؛ فَعُلم أنه سبحانه يكره هذا وينهى عنه ويذمه؛ فمن جعل الوقف للأغنياء فقط؛ فقد جعل المال دولة بين الأغنياء، فيتداولونه بطنًا بعد بطن دون الفقراء، وهذا مضادٌّ لله في أمره ودينه، فلا يجوز ذلك، وفى «السنن» عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا سبق إلا في خُفٍّ، أو حافر، أو نصل» (١)، فإذا كان قد نهى عن بذل السبق إلا فيما يعين على الطاعة والجهاد، مع أنه بذل لذلك في الحياة، وهو منقطع غير مؤبد، فكيف يكون الأمر في الوقف، وهذا بَيِّنٌ في أصول الشريعة من وجهين: أحدهما: أن بذل المال لا يجوز إلا لمنفعة في الدين، أو الدنيا، وهذا أصلٌ متفق عليه بين العلماء، ومن خرج عن ذلك؛ كان سفيهًا، وَحُجِر عليه عند جمهور العلماء الذين يحجرون على السفيه.

قال: فمن المعلوم أن الواقف لا ينتفع بوقفه في الدنيا كما ينتفع بما يبذله في البيع، والإجارة، والنكاح، وهذا أيضًا لا ينتفع به في الدين إن لم ينفقه في سبيل الله،


(١) سيأتي تخريجه في «البلوغ» رقم (١٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>