للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال السُّبُكي -رحمه الله- في «تكملة المجموع» (١١/ ٣١): لا يُشترط عندنا حاجة البائع إلى البيع جزمًا، خلافًا لبعض الحنابلة، واشترطت الحنابلة لبقاء العقد أن يأكلها أهلها رطبًا؛ فإنْ تركها حتى تصير تمرًا بطل العقد، ونحن نخالفهم في ذلك، واشترط الخرقي من الحنابلة كونها موهوبة من بائعها كما تقدم عن مالك، وقالت الحنابلة فيما إذا تركها حتى صارت تمرًا: لا فرق بين تركه لغناه عنها، أو تركها لعذر، أو لغير عذر، وأخذوا في ذلك بظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: «يأكلها أهلها رطبًا»، ولا دليل لهم في ذلك؛ لأنَّ المقصود بذلك ذكر الغاية المقصودة لا الاشتراط، ويلزمهم على ما قالوه أنه متى لم يأكلها بطل العقد، وقد سلموا أنه لا يبطل إلا بترك الأخذ، ولا يبطل بترك الأكل بعد الأخذ، فلو أخذها رطبًا فتركها عنده، أو شمسها حتى صارت تمرًا؛ جاز عندهم، وبهذا يتبين ضعف ما اشترطوه. اهـ (١)

[مسألة [٦]: هل تكون العرية في غير النخل؟]

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ١٢٨ - ١٢٩): وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَرِيَّةِ فِي غَيْرِ النَّخِيلِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ، وَقَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا ثَمَرَتُهُ لَا يَجْرِي فِيهَا الرِّبَا، فَيَجُوزُ بَيْعُ رَطْبِهَا بِيَابِسِهَا؛ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الرِّبَا فِيهَا.

قال: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجُوزَ فِي الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ دُونَ غَيْرِهِمَا. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْعِنَبَ كَالرُّطَبِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِمَا، وَجَوَازِ خَرْصِهِمَا، وَتَوْسِيقِهِمَا، وَكَثْرَةِ تَيْبِيسِهِمَا، وَاقْتِيَاتِهِمَا فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ، وَالْحَاجَةِ إلَى أَكْلِ رَطْبِهِمَا،


(١) وانظر: «المغني» (٦/ ١٢٧ - ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>