للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثًا: بيعها إلى محتاج لأكلها رطبًا.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ١٢٧ - ): لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا إلَّا لِمُحْتَاجٍ إلَى أَكْلِهَا رُطَبًا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِغَنِيٍّ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَأَبَاحَهَا فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ مُطْلَقًا لِكُلِّ أَحَدٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَيْعٍ جَازَ لِلْمُحْتَاجِ، جَازَ لِلْغَنِيِّ، كَسَائِرِ الْبِيَاعَاتِ، وَلِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَهْلٍ مُطْلَقَانِ. وَلَنَا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ حِينَ سَأَلَهُ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ: مَا عَرَايَاكُمْ هَذِهِ؟ فَسَمَّى رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ، شَكَوْا إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ، وَعِنْدَهُمْ فُضُولٌ مِنْ التَّمْرِ، فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ يَأْكُلُونَهُ رُطَبًا (١). وَمَتَى خُولِفَ الْأَصْلُ بِشَرْطٍ؛ لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ بِدُونِ ذَلِكَ الشَّرْطِ، وَلِأَنَّ مَا أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ؛ لَمْ يُبَحْ مَعَ عَدَمِهَا، كَالزَّكَاةِ لِلْمَسَاكِينِ، وَالتَّرَخُّصِ فِي السَّفَرِ. اهـ

قلتُ: وما نقله عن الشافعي من جوازه للأغنياء هو الأصح عند الشافعية، وهو رواية عن أحمد؛ لأنَّ حديث محمود بن لبيد لم يوجد مسندًا، ولأنَّ الغني قد يحتاج أيضًا إلى ذلك، ومال الشيخ ابن عثيمين إلى القول الأول، والله أعلم. (٢)

رابعًا وخامسًا: أن تكون فيما دون خمسة أوسق، وأن يكون المشتري بحاجة إلى أكل الرطب.

لقوله في حديث الباب: «يأكلونها رطبًا»، وقد تقدم الكلام على اشتراط البيع بأقل من خمسة أوسق.


(١) قال ابن المنذر -رحمه الله- في «الأوسط» (١٠/ ٨١): ذكره الشافعي مرسلًا، ولا أحفظه عن غيره. اهـ.
(٢) وانظر: «المغني» (٦/ ١٢٧) «تكملة المجموع» (١١/ ٢٥ - ٢٦) «الشرح الممتع» (٨/ ٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>