للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسألة [١٧٣]: حكم هدي التطوع إذا أصيب بعيب؟]

قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٥/ ٤٤٠): وَإِنْ تَعَيَّبَ فذَبَحَهُ أَجْزَأَهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُجْزِئُهُ، إلَّا أَنْ يَحْدُثَ الْعَيْبُ بِهِ بَعْدَ إضْجَاعِهِ لِلذَّبْحِ.

وَلَنَا: أَنَّهُ لَوْ عَطِبَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، فَالْعَيْبُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَطَبَ يَذْهَبُ بِجَمِيعِهِ، وَالْعَيْبُ يَنْقُصُهُ. وَلِأَنَّهُ عَيْبٌ حَدَثَ بَعْدَ وُجُوبِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَدَثَ بَعْدَ إضْجَاعِهِ.

وَإِنْ تَعَيَّبَ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ، فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ مِنْ الْقِيمَةِ، يَتَصَدَّقُ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُبَاعُ جَمِيعُهُ، وَيُشْتَرَى هَدْيٌ. وَبَنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ مُجْزِئٌ. انتهى.

[مسألة [١٧٤]: حكم إبدال الهدي بخير منه؟]

قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٥/ ٤٤١): وَإِذْ أَوْجَبَ هَدْيًا؛ فَلَهُ إبْدَالُهُ بِخَيْرِ مِنْهُ، وَبَيْعُهُ لِيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ خَيْرًا مِنْهُ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا إبْدَالُهُ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّقَبَةِ، وَيَسْرِي إلَى الْوَلَدِ، فَمُنِعَ الْبَيْعُ، كَالِاسْتِيلَاءِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ، فَلَمْ يَجُزْ بِخَيْرِ مِنْهُ، كَسَائِرِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.

وَوَجْهُ الْأَوَّلِ: أَنَّ النُّذُورَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أُصُولِهَا فِي الْفَرْضِ، وَهُوَ الزَّكَاةُ، يَجُوزُ فِيهَا الْإِبْدَالُ، كَذَلِكَ هَذَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ زَالَ مِلْكُهُ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ بِالْهَلَاكِ، كَسَائِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>