مسألة [٩]: إذا باع أرضًا وفيها زرعٌ لا يحصد إلا مرة.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ١٣٩): إذَا بَاعَ الْأَرْضَ وَفِيهَا زَرْعٌ لَا يُحْصَدُ إلَّا مَرَّةً، كَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْقَطَانِيِّ، وَمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ مُسْتَتِرٌ، كَالْجَزَرِ، وَالْفُجْلِ، وَالْبَصَلِ، وَالثُّومِ، وَأَشْبَاهِهَا، فَاشْتَرَطَهُ لِلْمُشْتَرِي؛ فَهُوَ لَهُ، قَصِيلًا كَانَ أَوْ ذَا حَبٍّ، مُسْتَتِرًا أَوْ ظَاهِرًا، مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا؛ لِكَوْنِهِ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ، فَلَمْ يَضُرَّ جَهْلُهُ وَعَدَمُ كَمَالِهِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَجَرَةً فَاشْتَرَطَ ثَمَرَتَهَا بَعْدَ تَأْبِيرِهَا، وَإِنْ أُطْلِقَ الْبَيْعُ، فَهُوَ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ فِي الْأَرْضِ، فَهُوَ كَالْكَنْزِ، وَالْقُمَاشِ، وَلِأَنَّهُ يُرَادُ لِلنَّقْلِ، فَأَشْبَهَ الثَّمَرَةَ الْمُؤَبَّرَةَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا.
قال: وَيَكُونُ لِلْبَائِعِ مُبْقًى فِي الْأَرْضِ إلَى حِينِ الْحَصَادِ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ حَصَلَتْ مُسْتَثْنَاةً لَهُ، وَعَلَيْهِ حَصَادُهُ فِي أَوَّلِ وَقْتِ حَصَادِهِ، وَإِنْ كَانَ بَقَاؤُهُ أَنْفَعَ لَهُ، كَقَوْلِنَا فِي الثَّمَرَةِ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ نَقْلُهُ عَقِيبَ الْبَيْعِ. كَقَوْلِهِ فِي الثَّمَرَةِ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهَا. اهـ
مسألة [١٠]: إذا باع أرضًا وفيها زرع يجز مرة بعد أخرى؟
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ١٤٠): وَإِنْ بَاعَ أَرْضًا وَفِيهَا زَرْعٌ يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى؛ فَالْأُصُولُ لِلْمُشْتَرِي، وَالْجَزَّةُ الظَّاهِرَةُ عِنْدَ الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَبْقَى سَنَةً كَالْهِنْدَبَا، وَالْبُقُولِ، أَوْ أَكْثَرَ كَالرَّطْبَةِ، وَعَلَى الْبَائِعِ قَطْعُ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْهُ فِي الْحَالِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ يَنْتَهِي إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَطُولُ، وَيَخْرُجُ غَيْرُ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute