البخاري اختصاص كراهة البصاق عن اليمين حال الصلاة، وهو قول المالكية، والأكثرون على خلاف ذلك، قال معاذ: ما بصقت عن يميني منذ أسلمت. ورُوي كراهته عن ابن مسعود، وابن سيرين.
قلتُ: أثر معاذ، وابن مسعود أخرجهما عبد الرزاق (١/ ٤٣٥)، وهما ثابتان عنهما، وأثر ابن مسعود أصح من أثر معاذ، وقد علل الكارهون للبصاق عن اليمين خارج الصلاة بما جاء في «البخاري»(٤١٦)، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: «فإنَّ عن يمينه ملكًا»، وهو خارج «الصحيح» عن حذيفة بلفظ: «فإنَّ كاتب الحسنات عن يمينه»، وهو صحيح، موقوفٌ عليه، أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٣٦٥)، وعبدالرزاق (١/ ٤٣٢)، والذي يظهر لي أنَّ الصواب ما ذهب إليه المالكية، والبخاري، أنَّ النهي عن ذلك خاصٌّ بالصلاة؛ للقيد المذكور في حديث أنس، وأبي هريرة، وغيرهما، وهو قوله:«إذا قام أحدكم إلى الصلاة»، والله أعلم.
[مسألة [٣]: بصاق المصلي عن يساره، وحكم البصاق والتنخم في المسجد.]
قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ»، فيه جواز بَصقِ، وَتَنَخُّم المصلي عن يساره، أو تحت قدمه اليسرى.
• واستدل بعض العلماء بهذا الحديث أعني قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ» على جواز التنخم في المسجد، لكن بشرط أن يدفنه، وقال به أحمد في رواية عنه، وأبو عبيد كما في «الفتح» لابن رجب (٢/ ٣٤٣).