[مسألة [٤٥]: هل على الموقوف عليه زكاة إذا كان تحت يده شيء يجب فيه الزكاة؟]
قال أبو محمد بن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٢٢٨): وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ شَجَرًا فَأَثْمَرَ، أَوْ أَرْضًا فَزُرِعَتْ، وَكَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، فَحَصَلَ لِبَعْضِهِمْ مِنْ الثَّمَرَةِ أَوْ الْحَبِّ نِصَابٌ؛ فَفِيهِ الزَّكَاةُ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ، وَمَكْحُولٍ: لَا زَكَاةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لَهُمْ؛ فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ زَكَاةٌ فِي الْخَارِجِ مِنْهَا كَالْمَسَاكِينِ.
قال: وَلَنَا أَنَّهُ اسْتَغَلَّ مِنْ أَرْضِهِ أَوْ شَجَرِهِ نِصَابًا، فَلَزِمَتْهُ زَكَاتُهُ، كَغَيْرِ الْوَقْفِ. يُحَقِّقُهُ أَنَّ الْوَقْفَ الْأَصْلُ، وَالثَّمَرَةَ طَلْقٌ، وَالْمِلْكُ فِيهَا تَامٌّ، لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ، وَتُورَثُ عَنْهُ؛ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ.
قال: أَمَّا الْمَسَاكِينُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَحْصُلُ فِي أَيْدِيهِمْ، سَوَاءٌ حَصَلَ فِي يَدِ بَعْضِهِمْ نِصَابٌ مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ، أَوْ لَمْ يَحْصُلْ، وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ تَفْرِيقِهَا، وَإِنْ بَلَغَتْ نُصُبًا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْمَسَاكِينِ لَا يَتَعَيَّنُ لَوَاحِدٍ مِنْهُمْ، بِدَلِيلِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَجُوزُ حِرْمَانُهُ وَالدَّفْعُ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ الْمِلْكُ فِيهِ بِالدَّفْعِ وَالْقَبْضِ؛ لِمَا أُعْطِيَهُ مِنْ غَلَّتِهِ مِلْكًا مُسْتَأْنَفًا، فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ، كَاَلَّذِي يُدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ، وَكَمَا لَوْ وَهَبَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ، وَفَارَقَ الْوَقْفَ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ؛ فَإِنَّهُ يُعَيَّنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقٌّ فِي نَفْعِ الْأَرْضِ وَغَلَّتِهَا، وَلِهَذَا يَجِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute