[مسألة [٣١]: إذا اشترط في الوقف أن يبيعه، أو يهبه، أو يرجع فيه متى شاء؟]
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ١٩٢): وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ مَتَى شَاءَ، أَوْ يَهَبَهُ، أَوْ يَرْجِعَ فِيهِ؛ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَلَا الْوَقْفُ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْوَقْفِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَفْسُدَ الشَّرْطُ، وَيَصِحَّ الْوَقْفُ؛ بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ. اهـ
وقد أجاز المالكية أن يشترط ذلك بما إذا احتاج إلى بيعه، ثم قالوا: عليه أن يثبت بالبينة احتياجه، أو يحلف؛ فله بعد ذلك بيعه، والرجوع فيه.
قال أبو عبد الله غفر الله له: يمكنه أن يجعل العين صدقة مقيدة بما يريد، ولا ينويها وقفًا، ولا يصح الوقف مع الشرط المذكور، والله المستعان. (١)
[مسألة [٣٢]: إذا شرط لنفسه الخيار في الوقف؟]
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ١٩٢): وَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي الْوَقْفِ؛ فَسَدَ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ، فَجَازَ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ، كَالْإِجَارَةِ.
قال: وَلَنَا أَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ؛ فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنَّ لَهُ بَيْعَهُ مَتَى شَاءَ، وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ لله تَعَالَى؛ فَلَمْ يَصِحَّ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِيهِ كَالْعِتْقِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فَلَمْ يَصِحَّ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِيهِ، كَالْهِبَةِ، وَيُفَارِقُ الْإِجَارَةَ؛ فَإِنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَهِيَ نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ، وَلِأَنَّ الْخِيَارَ إذَا دَخَلَ فِي الْعَقْدِ مَنَعَ ثُبُوتَ
(١) وانظر: «الإنصاف» (٧/ ٢٤)، «الموسوعة الفقهية الكويتية» (٤٤/ ١٤٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute