للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَبِيعُ الرُّطَبَ بِالتَّمْرِ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ فِي أَحَدِهِمَا؛ فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ.

ثم استدل ابن قدامة بحديثي الباب.

ثم قال: وَلَوْ قُدِّرَ تَعَارُضُ الْحَدِيثَيْنِ؛ وَجَبَ تَقْدِيمُ حَدِيثِنَا؛ لِخُصُوصِهِ؛ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَعَمَلًا بِكِلَا النَّصَّيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: الَّذِي نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ هُوَ الَّذِي أَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا، وَطَاعَةُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَوْلَى. وَالْقِيَاسُ لَا يُصَارُ إلَيْهِ مَعَ النَّصِّ مَعَ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ، أَنَّهُ أَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا. وَالرُّخْصَةُ اسْتِبَاحَةُ الْمَحْظُورِ، مَعَ وُجُودِ السَّبَبِ الْحَاظِرِ، فَلَوْ مَنَعَ وُجُودُ السَّبَبِ مِنْ الِاسْتِبَاحَةِ؛ لَمْ يَبْقَ لَنَا رُخْصَةٌ بِحَالٍ. اهـ (١)

[مسألة [٣]: ما هو القدر الذي تجوز فيها العرايا؟]

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ١٢١): لَا تَجُوزُ فِي زِيَادَةٍ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَتَجُوزُ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، بِغَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِهَا، فَأَمَّا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ؛ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ إمَامِنَا -رحمه الله-، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ: يَجُوزُ. وَرَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ زَيْدٍ وَسَهْلٍ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ مُطْلَقًا (٢)، ثُمَّ اسْتَثْنَى مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَشَكَّ


(١) وانظر: «الفتح» (٢١٩٢) «تكملة المجموع» (١١/ ١٠)، «الأوسط» (١٠/ ٧٥ - ٧٦).
(٢) أشار إلى حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه-: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها»، وحديث سهل بن أبي حثمة -رضي الله عنه-: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمر بالتمر، ورخص في العرية أن تباع بخرصها، يأكلها أهلها رطبا». أخرجهما البخاري برقم (٢١٨٨، و ٢١٩٢)، ومسلم برقم (١٥٣٩، و ١٥٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>