للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسألة [٢]: إذا رأى نجاسة على بدنه، أو ثيابه بعد أن صلَّى؟

قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَإِذَا صَلَّى، ثُمَّ رَأَى عَلَيْهِ نَجَاسَةً فِي بَدَنِهِ، أَوْ ثِيَابِهِ، لَا يَعْلَمُ: هَلْ كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ لَا؟ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ، لَكِنْ جَهِلَهَا حَتَّى فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ (١)، وَعَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسَالِمٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، وَإِسْحَاقَ وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَالثَّانِيَةُ: يُعِيدُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي قِلَابَةَ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ مُشْتَرَطَةٌ لِلصَّلَاةِ، فَلَمْ تَسْقُطْ بِجَهْلِهَا، كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ. وَقَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ: يُعِيدُ مَا كَانَ فِي الْوَقْتِ، وَلَا يُعِيدُ بَعْدَهُ. اهـ

وقد رجَّح ابن قدامة القول الأول، واستدل له بحديث أبي سعيد الذي في الباب؛ فإنَّ فيه قصة، وهي: أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يصلي بأصحابه، فخلع نعليه، فلما رأى ذلك القوم خلعوا أنعلتهم، ثم قال لهم رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عقب الصلاة: «إنَّ جبريل أتاني، فأخبرني أنَّ فيهما قذرًا أو قال: أذًى فإذا جاء أحدكم المسجد ... » الحديث.

ثم قال: وَلَوْ كَانَتْ الطَّهَارَةُ شَرْطًا، مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِهَا، لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُ الصَّلَاةِ، وَتُفَارِقُ طَهَارَةَ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهَا آكَدُ؛ لِأَنَّهَا لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهَا، وَتَخْتَصُّ بِالْبَدَنِ. اهـ


(١) وهو ثابت عنه بإسناد صحيح كما في «مصنف عبدالرزاق» (١/ ٣٧٢)، و «الأوسط» لابن المنذر (٢/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>