للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُوَّتِكُمْ} [هود:٥٢]، أي: مع قوتكم، وكقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء:٢]، وكقوله تعالى: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران:٥٢]، وقد ثبت في «صحيح مسلم» (٢٤٦)، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- غسل يديه حتى أشرع في العضد، ثم غسل رجليه حتى أشرع في الساق، ففعل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مبين للمراد من الآية، فالراجح هو قول الجمهور، والله أعلم. (١)

[مسألة [١٧]: إذا خلقت له أصبع، أو يد زائدة؟]

قال أبو محمد بن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١/ ١٧٣): وَإِنْ خُلِقَ لَهُ إصْبَعٌ زَائِدَةٌ، أَوْ يَدٌ زَائِدَةٌ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَجَبَ غَسْلُهَا مَعَ الْأَصْلِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا نَابِتَةٌ فِيهِ، أَشْبَهَتْ الثُّؤْلُولَ، وَإِنْ كَانَتْ نَابِتَةً فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَالْعَضُدِ أَوْ الْمَنْكِبِ، لَمْ يَجِبْ غَسْلُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ قَصِيرَةً أَوْ طَوِيلَةً؛ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، فَأَشْبَهَتْ شَعْرَ الرَّأْسِ إذَا نَزَلَ عَلَى الْوَجْهِ.

وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ، وَابْنِ عَقِيلٍ.

وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ بَعْضُهَا يُحَاذِي مَحَلَّ الْفَرْضِ غَسَلَ مَا يُحَاذِيهِ مِنْهَا. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِي فِي ذَلِكَ، كَنَحْوٍ مِمَّا ذَكَرْنَا.

وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَصْلِيَّةَ مِنْهُمَا، وَجَبَ غَسْلُهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ غَسْلَ إحْدَاهُمَا وَاجِبٌ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ يَقِينًا إلَّا بِغَسْلِهِمَا، فَوَجَبَ غَسْلُهُمَا، كَمَا لَوْ تَنَجَّسَتْ إحْدَى يَدَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهَا. انتهى. (٢)


(١) انظر: «الفتح» (١/ ٣٨٢)، و «المغني» (١/ ١٧٢)، و «المجموع» (٣٨٥ - ٣٨٦).
(٢) وانظر: «المجموع» (١/ ٣٨٨)، و «شرح مسلم» (٣/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>