للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسألة [٤٢]: من استأجر دارًا، فهل يسكن بها من شاء؟

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٥٢): مَنْ اسْتَأْجَرَ عَقَارًا لِلسُّكْنَى؛ فَلَهُ أَنْ يَسْكُنَهُ، وَيُسْكِنَ فِيهِ مَنْ شَاءَ مِمَّنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الضَّرَرِ، أَوْ دُونَهُ، وَيَضَعُ فِيهِ مَا جَرَتْ عَادَةُ السَّاكِنِ بِهِ، مِنْ الرِّحَالِ وَالطَّعَامِ، وَيَخْزُنُ فِيهَا الثِّيَابَ وَغَيْرَهَا مِمَّا لَا يَضُرُّ بِهَا، وَلَا يُسْكِنُهَا مَا يَضُرُّ بِهَا، مِثْلَ الْقَصَّارِينَ وَالْحَدَّادِينَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِهَا، وَلَا يَجْعَلُ فِيهَا الدَّوَابَّ؛ لِأَنَّهَا تَرُوثُ فِيهَا وَتُفْسِدُهَا، وَلَا يَجْعَلُ فِيهَا السِّرْجِينَ، وَلَا رَحًى، وَلَا شَيْئًا يَضُرُّ بِهَا. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهَا شَيْئًا ثَقِيلًا فَوْقَ سَقْفٍ؛ لِأَنَّهُ يُثْقِلُهُ وَيَكْسِرُ خَشَبَهُ. وَلَا يَجْعَلُ فِيهَا شَيْئًا يَضُرُّ بِهَا؛ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا.

مسألة [٤٣]: إذا اكترى دارًا، فهل يشترط ذكر صفة السكنى؟

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٥٢): وَإِذَا اكْتَرَى دَارًا؛ جَازَ إطْلَاقُ الْعَقْدِ، وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ السُّكْنَى، وَلَا صِفَتِهَا. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْي. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يَجُوزُ، حَتَّى يَقُولَ: أَبِيتُ تَحْتَهَا أَنَا وَعِيَالِي؛ لِأَنَّ السُّكْنَى تَخْتَلِفُ، وَلَوْ اكْتَرَاهَا لِيَسْكُنَهَا، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا مَعَهُ. وَلَنَا أَنَّ الدَّارَ لَا تُكْتَرَى إلَّا لِلسُّكْنَى، فَاسْتُغْنِيَ عَنْ ذِكْرِهِ، كَإِطْلَاقِ الثَّمَنِ فِي بَلَدٍ فِيهِ نَقْدٌ مَعْرُوفٌ بِهِ، وَالتَّفَاوُتُ فِي السُّكْنَى يَسِيرٌ، فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى ضَبْطِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ الضَّرَرَ لَا يَكَادُ يَخْتَلِفُ بِكَثْرَةِ مَنْ يَسْكُنُ وَقِلَّتِهِمْ، وَلَا يُمْكِنُ ضَبْطُ ذَلِكَ؛ فَاجْتُزِئَ فِيهِ بِالْعُرْفِ. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>