للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وَوَجْهُ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْإِحْيَاءَ الَّذِي يُمْلَكُ بِهِ هُوَ الْعِمَارَةُ الَّتِي تَهَيَّأَ بِهَا الْمُحْيِي للِانْتِفَاعِ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارِ عَمَلٍ، وَهَذَا حَفْرٌ وَتَخْرِيبٌ، يَحْتَاجُ إلَى تَكْرَارٍ عِنْدَ كُلّ انْتِفَاعٍ. اهـ

قال أبو عبد الله غفر الله له: يظهر لي -والله أعلم- أنه يملك المعادن التي حفر عنها، وأظهرها وصارت في يده، دون غيرها ممالم تصلها يده، ومالم يظهرها ويصر في يده؛ فهي حقوق عامة، للإمام أن يوكل من يعمل، ويأخذها لأملاك المسلمين العامة، وينبغي لولي أمر المسلمين أن يخص صاحب الأرض بمكافآت على ما ظهر في أرضه، والله أعلم. (١)

[مسألة [٨]: إحياء بعض الأماكن التي في جوانب الشوارع، والطرقات، وما أشبه ذلك.]

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ١٦١): وَمَا كَانَ مِنْ الشَّوَارِعِ، وَالطُّرُقَاتِ، وَالرِّحَابِ بَيْنَ الْعُمْرَانِ؛ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ إحْيَاؤُهُ، سَوَاءٌ كَانَ وَاسِعًا، أَوْ ضَيِّقًا، وَسَوَاءٌ ضَيَّقَ عَلَى النَّاسِ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُضَيِّقْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَشْتَرِكُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ، وَتَتَعَلَّقُ بِهِ مَصْلَحَتُهُمْ؛ فَأَشْبَهَ مَسَاجِدَهُمْ. وَيَجُوزُ الِارْتِفَاقُ بِالْقُعُودِ فِي الْوَاسِعِ مِنْ ذَلِكَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، عَلَى وَجْهٍ لَا يُضَيِّقُ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ؛ لِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ عَلَى إقْرَارِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ، وَلِأَنَّهُ ارْتِفَاقٌ مُبَاحٌ مِنْ غَيْرِ إضْرَارٍ؛ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ، كَالِاجْتِيَازِ.


(١) وانظر: «البيان» (٧/ ٤٨٨) «الإنصاف» (٦/ ٣٦٠) «زاد المعاد» (٥/ ٨٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>