للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَوُقُوفُهَا عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ فِي تَصَرُّفَاتِ الْغَاصِبِ الْحُكْمِيَّةِ رِوَايَةً أَنَّهَا تَقَعُ صَحِيحَةً، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعِبَادَاتُ، كَالطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، أَوْ الْعُقُودُ، كَالْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالنِّكَاحِ.

وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ فِي الْعُقُودِ بِمَا لَمْ يُبْطِلْهُ الْمَالِكُ، فَأَمَّا مَا اخْتَارَ الْمَالِكُ إبْطَالَهُ وَأَخْذَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ؛ فَلَمْ نَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا، وَأَمَّا مَا لَمْ يُدْرِكْهُ الْمَالِكُ، فَوَجْهُ التَّصْحِيحِ فِيهِ أَنَّ الْغَاصِبَ تَطُولُ مُدَّتُهُ، وَتَكْثُرُ تَصَرُّفَاتُهُ، فَفِي الْقَضَاءِ بِبُطْلَانِهَا ضَرَرٌ كَثِيرٌ، وَرُبَّمَا عَادَ الضَّرَرُ عَلَى الْمَالِكِ؛ فَإِنَّ الْحُكْمَ بِصِحَّتِهَا يَقْتَضِي كَوْنَ الرِّبْحِ لِلْمَالِكِ، وَالْعِوَضِ بِنَمَائِهِ وَزِيَادَتِهِ لَهُ، وَالْحُكْمُ بِبُطْلَانِهِ يَمْنَعُ ذَلِكَ. اهـ

مسألة [٢٣]: إذا اشترى الغاصب شيئًا في الذمة، ثم نقده من مال مغصوب؟

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٧/ ٤٠٠): قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ لِلْغَاصِبِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ فِي ذِمَّتِهِ؛ فَكَانَ الشِّرَاءُ لَهُ، وَالرِّبْحُ لَهُ، وَعَلَيْهِ بَدَلُ المَغْصُوبِ. وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ؛ فَكَانَ لَهُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى لَهُ بِعَيْنِ المَالِ، وَهَذَا ظَاهِرُ المَذْهَبِ. اهـ

قال أبو عبد الله غفر الله له: نماء العين قبل تسليم المال المغصوب يكون في ملك الغاصب، ونماؤه بعد التسليم يكون ملك المغصوب منه، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>