للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرَّاكِبِ مِنْهُ؛ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. وَلَنَا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ انْتِقَالِ الْمَنَافِعِ إلَى مِلْكِ الرَّاكِبِ؛ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَالِكِ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنٍ، فَقَالَ الْمَالِكُ: بِعْتُكَهَا. وَقَالَ الْآخَرُ: وَهَبْتنِيهَا.

وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَجْرِي مَجْرَى الْأَعْيَانِ فِي الْمِلْكِ، وَالْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأَعْيَانِ؛ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَالِكِ، كَذَا هَاهُنَا. وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَلِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَنْتَقِلُ إلَى الرَّاكِبِ إلَّا بِنَقْلِ الْمَالِكِ لَهَا، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي كَيْفِيَّةِ الِانْتِقَالِ، كَالْأَعْيَانِ، فَيَحْلِفُ الْمَالِكُ، وَيَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ. وَفِي قَدْرِهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى وُجُوبِهِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ؛ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ، فَمَعَ الِاخْتِلَافِ فِي أَصْلِهِ أَوْلَى. وَالثَّانِي: الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِقَوْلِ الْمَالِكِ وَيَمِينِهِ، فَوَجَبَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، كَالْأَصْلِ. انتهى المراد بنصِّه.

قال أبوعبد الله غفر الله له: الذي يظهر لي هو ترجيح ما ذكره ابن قدامة -رحمه الله-. (١)

مسألة [١٥]: إذا اختلفا فقال المالك غَصَبْتَها. وقال الآخر: بل أعرتنيها؟

أما إذا كان هذا الخلاف عقيب العقد؛ فلا معنى للاختلاف، ويأخذ المالك حقَّه.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أَجْرٌ، فَالِاخْتِلَافُ فِي وُجُوبِهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ. وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَنَقَلَ الْمُزَنِيّ عَنْهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاكِبِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي عَلَيْهِ عِوَضًا، الْأَصْلُ بَرَاءَةُ


(١) وانظر: «الروضة» (٤/ ٤٤٢ - ٤٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>