وَلِأَنَّ الْأُبُوَّةَ مَعْنًى يُسْقِطُ الْقِصَاصَ، فَمَنَعَتْ الْحَدَّ، كَالرِّقِّ وَالْكُفْرِ، وَهَذَا يَخُصُّ عُمُومَ الْآيَةِ. وَمَا ذَكَرُوهُ يُنْتَقَضُ بِالسَّرِقَةِ؛ فَإِنَّ الْأَبَ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِ ابْنِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَذْفِ وَالزِّنَا: أَنَّ حَدَّ الزِّنَا خَالِصٌ لِحَقِّ الله تَعَالَى، لَا حَقَّ لِلْآدَمِيِّ فِيهِ، وَحَدَّ الْقَذْفِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ. اهـ (١)
مسألة [٩]: من قذف شخصًا بعمل قوم لوط؟
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١٢/ ٣٨٩): مَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ، إمَّا فَاعِلًا وَإِمَّا مَفْعُولًا، فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ بِمَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ عِنْدَهُ، وَعِنْدَنَا هُوَ مُوجِبٌ لِلْحَدِّ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا مَضَى. وَكَذَلِكَ لَوْ قَذَفَ امْرَأَةً أَنَّهَا وُطِئَتْ فِي دُبُرِهَا، أَوْ قَذَفَ رَجُلًا بِوَطْءِ امْرَأَةٍ فِي دُبُرِهَا؛ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، لَا حَدَّ عَلَيْهِ. وَمَبْنَى الْخِلَافِ هَاهُنَا عَلَى الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ حَدِّ الزِّنَا عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ. اهـ
[مسألة [١٠]: إذا قال لشخص: (يا لوطي) فهل يسمع قوله في تأويلها؟]
كأن يقول: (أردت أنك من قوم لوط) أو (دينه دين لوط) أو (أنك تحب الصبيان، وتقبلهم، وتنظر إليهم) دون الفاحشة.
• فجماعةٌ من أهل العلم على أنه يقام عليه الحد، ولا يسمع منه التأويل؛ لأنّ
(١) وانظر: «البيان» (١٢/ ٣٩٩ - ).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute