للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسألة [٨]: بيع الثمار بعد بدو صلاحها هل يُشترط فيها القطع أو التبقية؟

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ١٥٥): إذَا بَدَا الصَّلَاحُ فِي الثَّمَرَةِ؛ جَازَ بَيْعُهَا مُطْلَقًا، وَبِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ إلَى حَالِ الْجِزَازِ، وَبِشَرْطِ الْقَطْعِ، وَبِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: لَا يَجُوزُ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ. إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا قَالَ: إذَا تَنَاهَى عِظَمُهَا؛ جَازَ. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ هَذَا شَرْطُ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِ الْبَائِعِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ؛ فَلَمْ يَجُزْ. وَلَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، فَمَفْهُومُهُ إبَاحَةُ بَيْعِهَا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عِنْدَهُمْ الْبَيْعُ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَائِزًا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ غَايَةً، وَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَتَأْمَنَ الْعَاهَةَ، وَتَعْلِيلُهُ بِأَمْنِ الْعَاهَةِ يَدُلُّ عَلَى التَّبْقِيَةِ؛ لِأَنَّ مَا يُقْطَعُ فِي الْحَالِ لَا يُخَافُ الْعَاهَةُ عَلَيْهِ. اهـ (١)

[مسألة [٩]: على من سقي الثمرة؟]

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ١٥٨): وَإِذَا احْتَاجَتْ الثَّمَرَةُ إلَى سَقْيٍ؛ لَزِمَ الْبَائِعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الثَّمَرَةِ كَامِلَةً، وَذَلِكَ يَكُونُ بِالسَّقْيِ. فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ قُلْتُمْ إنَّهُ إذَا بَاعَ الْأَصْلَ، وَعَلَيْهِ ثَمَرَةٌ لِلْبَائِعٍ، لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ سَقْيُهَا؟ قُلْنَا: لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا مِنْ جِهَتِهِ، وَإِنَّمَا


(١) وانظر: «شرح مسلم» (١٠/ ١٨١ - ١٨٢) «الفتح» (٢١٩٣) «تكملة المجموع» (١١/ ٤٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>