قال أبو عبد الله: أما حديث أبي هريرة المذكور؛ فضعيفٌ جدًّا أخرجه الترمذي برقم (٥٠١)، وفي إسناده: عبد الله بن سعيد المقبري، وهو متروك، وفيه: معارك بن عبَّاد، وحجَّاج ابن نصير، وكلاهما شديد الضَّعف. ثم رأيت حجاج بن نصير قد تابعه مسلم بن إبراهيم عند البيهقي (٣/ ١٧٦) فبقيت العلة في الآخرين.
وأما الآثار المتقدمة عن الصحابة، فأثر أنس من طريق: معمر عن قتادة، وهي رواية ضعيفة، وأثر أبي هريرة فيه: أيوب بن عتبة، وهو ضعيفٌ، وأثر ابن عمر إسناده صحيح.
قال أبو عبد الله: وفي المسألة أقوال أخرى، والتي ذكرناها هي الأشهر، والصواب -فيما يظهر لي- هو قول ربيعة: تجب على من إذا نودي لصلاة الجمعة، وخرج من بيته ماشيًا، أدرك الجمعة. لأن الله عز وجل لم يلزم الناس بالسعي للجمعة؛ إلا عند سماع النداء، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة:٩]، فإذا كان لا يدرك الجمعة بعد سماع النداء؛ فكيف يلزم بحضورها. (١)
[مسألة [٥]: هل تجب الجمعة على الأعمى؟]
• ذهب جمهور العلماء إلى وجوبها على الأعمى القادر على الإتيان، وهو قول مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي يوسف، وقال أبو حنيفة: لا تجب عليه.