حكم نجاسة الماء، بل الأمر باجتنابها تعبدي، لا لأجل النجاسة، وإنما هو لمعنى لا نعرفه، كعدم معرفتنا لحكمة أعداد الصلوات، ونحوها. اهـ
قلتُ: والنهي عن البول في الماء الدائم، وعما ولغ فيه الكلب يحتمل أن يكون ذلك لتقذره، أو لتنجسه حالًا، أو مآلًا، ولكن ذلك مقيد بالتغير، وأما حديث الاستيقاظ فقد علل بعلة أخرى قوية كما سيأتي بيانه حيث ذكره الحافظ إن شاء الله تعالى.
٤) حديث:«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ... »، وما أشبهه، قال الشوكاني في «السيل»(١/ ٥٦): وليس فيها إلا الإرشاد إلى الورع، والتوقف عند الاشتباه، وتوقي المشتبهات، وليس ما نحن بصدده من ذلك القبيل؛ لورود الشريعة الواضحة الطاهرة في شأنه، وليس في مخالفتها بمجرد الشكوك، والوسوسة؛ إلا الإثم على فاعل ذلك.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني»(١/ ٤٤): فيه ثلاث روايات:
• إحداهن: أنه ينجس بالنجاسة، وإن كثر؛ لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال وقد سئل عن فأرة وقعت في سمن فقال:«إن كان مائعًا فلا تقربوه»، (١) رواه أحمد، وأبو داود من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وهذا قول الشافعية كما في البيان (١/ ٤٢).
• والثانية: أنها كالماء، لا ينجس منها ما بلغ القلتين؛ إلا بالتغير.
(١) سيأتي تخريجه إن شاء الله في [كتاب البيوع] رقم (٧٧٣).