• والثالثة: ما أصله الماء، كالخل التمري يدفع النجاسة؛ لأن الغالب فيه الماء، ومالا فلا، والأُولى أولى.
قال أبو عبد الله غفر الله لهُ: هكذا رجح المؤلف الرواية الأُولى، وهي: القول بنجاسته، وإن كثُرَ، للحديث المذكور، وهذا الحديث مُعَلٌّ، فقد وهم فيه معمر ابن راشد، والصواب فيه أنه من حديث ميمونة بلفظ: سئل عن فأرة وقعت في سمن، فماتت، فقال:«ألقوها وما حولها، وكلوه»، رواه البخاري، وقد حكم على معمر بالوهم غير واحد من الحفاظ، منهم: البخاري، وأبو حاتم، وعلى هذا فالراجح - والله أعلم- هي الرواية الثانية، وهي أن حكم المائعات كحكم الماء، إلا أنها إذا تغيرت بوقوع النجاسة فيها؛ فهي نجسة، وإلا فلا، ولا عبرة بالتحديد بالقلتين كما تقدم في الماء.
وقد قال بهذا من الصحابة: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهم-.
قال صالح بن أحمد في «مسائله» كما في «مجموع الفتاوى»(٢١/ ٤٩٧): ثنا أبي، ثنا وكيع، ثنا النضر بن عربي، عن عكرمة، قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فسأله عن جَرٍّ فيه زيت، وقع فيه جرذٌ؟ فقال ابن عباس: خذه وما حوله، فألقه، وكل. قلت: أليس جالَ في الجرِّ كله؟ قال: إنه جال وفيه الروح، فاستقر حيث مات. وإسناده حسن.
وأما أثر ابن مسعود، فأخرجه أيضًا صالح بن أحمد في «مسائله» كما في «مجموع الفتاوى»(٢١/ ٤٩٧)، ولكن في سنده: حمران بن أعين، وهو ضعيف.