المستصنِع بالكسر هو طالب الصناعة، وهو المشتري، والمستَصنَع بالفتح هو المبيع، والبائع هو الصانع.
صورته: أن يأتي الرجل إلى مصنع، أو ورشة، ويطلب من صاحبه أن يعمل معه عقد بيع على استصناع أبواب، أو غرفة نوم، أو مجلس عربي، أو تصنيع أحذية، أو تصنيع ملابس، أو غير ذلك، وتكون المواد موجودة عند البائع، فيبرمان العقد، ويدفع بعض الثمن، فما حكم هذا الأمر؟ فيه خلاف:
• فالجمهور -ومنهم الشافعي، ومالك، وأحمد- على أنَّ عقد الاستصناع بالصورة المتقدمة لا يجوز، وهو قول زفر من الحنفية، واستدلوا بحديث:«لا تبع ما ليس عندك»؛ فهو بيع معدوم، وإنما رخص ذلك في السَّلَم؛ لأنَّ رأس المال كاملًا يكون متوفرًا حال العقد، بخلاف عقد الاستصناع، فلا يشترط فيه تقديم رأس المال.
• والحنفية يرون جواز عقد الاستصناع، وهو قول بعض الحنابلة، وقال به مالك إذا كان حدد أجلًا، وقالوا: إنه من حاجة الناس، ولا غنى لهم عنه، وقالوا: عليه عمل المسلمين، وهو من عقود المعاوضات التي ليس فيه غرر، ولا جهالة.
قال الإمام عبد الرحمن السعدي -بعد ما ذكر مذهب الجمهور-: وقيل: يصح، وهو أولى؛ لعدم الجهالة، فشرط الصحة موجودٌ، والمانع مفقودٌ، ومن قال