أَوْ أَهْدَاهُ إلَيْهِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ تَسْلِيمًا صَحِيحًا تَامًّا، وَزَالَتْ يَدُ الْغَاصِبِ.
وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَارِدٌ فِيمَا إذَا أَعْطَاهُ عِوَضَ حَقِّهِ عَلَى سَبِيلِ الْهَدِيَّةِ، فَأَخَذَهُ الْمَالِكُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، لَا عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ، فَلَمْ تَثْبُتْ الْمُعَاوَضَةُ، وَمَسْأَلَتُنَا فِيمَا إذَا رَدَّ إلَيْهِ عَيْنَ مَالِهِ، وَأَعَادَ يَدَهُ الَّتِي أَزَالَهَا. اهـ
[مسألة [٢٧]: إذا اختلف الغاصب والمغصوب منه في قيمة المغصوب، أو وجود العيب، أو تلفه؟]
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٧/ ٤٢٠): إذَا اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالْغَاصِبُ فِي قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ، وَلَا بَيِّنَةَ لَأَحَدِهِمَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، فَلَا يُلْزِمُهُ، مَا لَمْ يُقِمْ عَلَيْهِ بِهِ حُجَّةً، كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا، فَأَقَرَّ بِبَعْضِهِ ... .
وَإِنْ قَالَ الْغَاصِبُ: كَانَتْ فِيهِ سَلْعَةٌ (١)، أَوْ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ، أَوْ عَيْبٌ. فَأَنْكَرَ الْمَالِكُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ.
ثم قال: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ، أَوْ رَدِّ مِثْلِهِ أَوْ قِيمَتَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ، وَاشْتِغَالُ الذِّمَّةِ بِهِ.
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي تَلَفِهِ، فَادَّعَاهُ الْغَاصِبُ، وَأَنْكَرَهُ الْمَالِكُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ، وَتَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، فَإِذَا حَلَفَ فَلِلْمَالِكِ الْمُطَالَبَةُ بِبَدَلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ رَدُّ الْعَيْنِ، فَلَزِمَ بَدَلُهَا. انتهى بتصرف واختصار.
(١) السَّلْعَةُ: الشجة في الرأس.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute