للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسألة [١٨٥]: من عجز عن إيصال الهدي إلى الحرم فما الحكم؟]

قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٥/ ٤٥٣): وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ: "إنْ قَدَرَ عَلَى إيصَالِهِ إلَيْهِمْ". يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ إيصَالِهِ لَا يَلْزَمُهُ إيصَالُهُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا. فَإِنْ مُنِعَ النَّاذِرُ الْوُصُولَ بِنَفْسِهِ، وَأَمْكَنَهُ تَنْفِيذُهُ، لَزِمَهُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ إذَا حُصِرَ عَنْ الْخُرُوجِ خُرِّجَ فِي ذَبْحِ هَذَا الْهَدْيِ الْمَنْذُورِ فِي مَوْضِعِ حَصْرِهِ رِوَايَتَانِ، كَدِمَاءِ الْحَجِّ وَاخْتَارَ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ ذَبْحِهِ فِي مَوْضِعِ حَصْرِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَحَرَ هَدْيَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ. وَالثَّانِيَةُ، إنَّ أَمْكَنَ إرْسَالُهُ مَعَ غَيْرِهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ فِي مَوْضِعِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ إيصَالُ الْمَنْذُورِ إلَى مَحِلِّهِ، فَلَزِمَهُ، كَغَيْرِ الْمَحْصُورِ. اهـ

ومذهب الشافعي في ذلك كمذهب الحنابلة، وهو مشروعية ذبحه حيث أحصر، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الصحيح بدون شك. (١)

[مسألة [١٨٦]: موضع الصوم لمن لم يجد الهدي؟]

قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٥/ ٤٥٤): وَأَمَّا الصِّيَامُ فَيُجْزِئُهُ بِكُلِّ مَكَان، لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (٢)، وَعَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصِّيَامَ لَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ إلَى أَحَدٍ، فَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهِ بِمَكَانٍ، بِخِلَافِ الْهَدْيِ وَالْإِطْعَامِ، فَإِنَّ نَفْعَهُ يَتَعَدَّى إلَى مَنْ يُعْطَاهُ. اهـ


(١) وانظر: «البيان» (٤/ ٤١٦).
(٢) ذكره ابن المنذر عن ابن عباس كما ذكره كذلك البيهقي في المعرفة (٧/ ٤٢٤) بدون إسناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>