مسألة [٢٨]: هل تؤثِرُ الخُلطَة في زكاة الماشية؟
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٤/ ٥١ - ٥٢): الْخُلْطَةُ فِي السَّائِمَةِ تَجْعَلُ مَالَ الرَّجُلَيْنِ كَمَالِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ فِي الزَّكَاةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ خُلْطَةَ أَعْيَانٍ، وَهِيَ أَنْ تَكُونَ الْمَاشِيَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبٌ مَشَاعٌ، مِثْلُ أَنْ يَرِثَا نِصَابًا أَوْ يَشْتَرِيَاهُ، أَوْ يُوهَبَ لَهُمَا، فَيُبْقِيَاهُ بِحَالِهِ، أَوْ خُلْطَةَ أَوْصَافٍ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُمَيَّزًا، فَخَلَطَاهُ، وَاشْتَرَكَا فِي الْأَوْصَافِ الَّتِي نَذْكُرُهَا، وَسَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِي الشَّرِكَةِ، أَوْ اخْتَلَفَا، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لِرَجِلٍ شَاةٌ، وَلِآخَرَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ، أَوْ يَكُونَ لِأَرْبَعِينَ رَجُلًا أَرْبَعُونَ شَاةً، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ، نَصَّ عَلَيْهِمَا أَحْمَدُ، وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَإِسْحَاقَ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ نِصَابٌ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا أَثَرَ لَهَا بِحَالٍ؛ لِأَنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ دُونَ النِّصَابِ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ، كَمَا لَوْ لَمْ يَخْتَلِطْ بِغَيْرِهِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا إذَا اخْتَلَطَا فِي نِصَابَيْنِ: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْلِكُ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ؛ فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ شَاةٌ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ».
قال: وَلَنَا مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي ذَكَرْنَا أَوَّلَهُ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ؛ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ»، وَلَا يَجِيءُ التَّرَاجُعُ إلَّا عَلَى قَوْلِنَا فِي خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ. وَقَوْلُهُ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ» إنَّمَا يَكُونُ هَذَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ؛ فَإِنَّ الْوَاحِدَ يَضُمُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute