القول الثاني: أنه لا يلزمهم إمساك ذلك اليوم، وهو قول مالك، والشافعي، ورواية عن أحمد، وهو ترجيح ابن حزم في غير المجنون، وذلك لأنه أُبيح له فطر أول النهار ظاهرًا، وباطنًا، فإذا أفطر كان له أن يستديمه إلى آخر النهار كما لو دام العذر. وانفرد أحمد عن المذاهب الثلاثة بوجوب القضاء عليه.
والراجح أنه لا يلزمه الإمساك، ولا قضاء عليه؛ وذلك لأنَّ كل واحد منهم لم يكن مخاطبًا في أول النهار، فلما زال مانع التكليف؛ لم يدرك وقت العبادة؛ فلم تجب عليه.
وأما قياسهم على من علم بالهلال أثناء النهار؛ فقد أجاب ابن حزمٍ بأنَّ هذا يجب عليه الإمساك من أول النهار، وأما الكافر والصبي؛ فإنه لا يجب عليه ذلك، بل يُباح له الفطر.
قلتُ: ومعنى ذلك: أنَّ الكافر، والصبي، والمجنون ليسوا مخاطبين بالصوم من أول النهار، بخلاف من لم يعلم بالرؤية؛ فهو مخاطب بالصوم، ولكن لم يبلغه ذلك، فافترقت الصورتان، وبالله التوفيق. (١)