للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما حديث أبي رافع، وأنس -رضي الله عنهما- اللذين في الباب فلهما توجيهات: أحدها: أن يحمل على الجار الذي يشترك معه في الطريق. ثانيها: يحمل الجار على الشريك؛ فالشريك يطلق عليه جار في اللغة، وقد أنشدوا بعض الأبيات الدالة على ذلك. ثالثها: أن المراد بها الحث على الإحسان إلى الجيران، ومعرفة حقوقهم، ولا يصلح حملها على الإطلاق؛ لأنَّ حديث جابر -رضي الله عنه- الأول يدل على أنه لا شفعة للجار إذا وقعت الحدود، والله أعلم. (١)

مسألة [٢]: هل يشترط في الشفعة أن يكون الملك منتقلًا بعوض؟

أما ما ينتقل بالإرث فليس فيه شفعة، ولم يذكروا في ذلك خلافًا.

• واختلفوا فيما ينتقل بالهبة، والصدقة: فمذهب الجمهور من أهل العلم أنه لا شفعة فيه كالمنتقل بالإرث، وهو ظاهر اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ورجحه ابن حزم؛ لأنَّ الشفعة جاءت فيما انتقل بعوض.

• وعن مالك رواية: أنَّ فيه الشفعة، وحُكي عن ابن أبي ليلى، ورجحه الشيخ ابن عثيمين؛ لأن العلة موجودة في ذلك، وهو تضرر الشريك بذلك.

قلتُ: يظهر لي أنَّ القول الأول أقرب؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر باستئذان الشريك إذا أراد البيع لا إذا أراد الهبة، أو الصدقة، والله أعلم. (٢)


(١) انظر: «المغني» (٧/ ٤٣٦) «أعلام الموقعين» (٢/ ١٣٠ - ١٣١) «الفتاوى» (٣٠/ ٣٨٣) «الاختيارات» (ص ١٦٧) «المحلى» (١٦١١).
(٢) انظر: «المغني» (٧/ ٤٤٣) «الاختيارات» (ص ١٦٨) «المحلى» (١٥٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>