للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المساقاة بذلك؛ لأنَّ المساقاة التي أباحها الشرع جاءت بأن يكون على أحدهما الشجر والآخر عليه العمل، فأصبح الشرط مخالفًا لمقتضى العقد، واستثنى مالك الأعمال اليسيرة.

• وللحنابلة وجهٌ -وهو رواية عن أحمد- أنه يصح؛ لأنه شرط لا يخل بمصلحة العقد، ولا مفسدة فيه، ولا يؤدي إلى الجهالة، أو الغرر، أو الربا، وما أشبه ذلك، وهذا القول أرجح، والله أعلم. وهو مقتضى اختيار شيخ الإسلام، وابن القيم رحمة الله عليهما. (١)

[مسألة [١٥]: إذا شرط العامل على رب المال أن يعمل معه غلمانه؟]

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٧/ ٥٤١): وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ غِلْمَانُ رَبِّ الْمَالِ، فَهُوَ كَشَرْطِ عَمَلِ رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ كَعَمَلِهِ؛ فَإِنَّ يَدَ الْغُلَامِ كَيَدِ مَوْلَاهُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: كَمَا ذَكَرْنَا. وَالثَّانِي: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ غِلْمَانَهُ مَالُهُ، فَجَازَ أَنْ تَعْمَلَ تَبَعًا لِمَالِهِ، كَثَوْرِ الدُّولَابِ، وَكَمَا يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْعَامِلِ بَهِيمَةً يَحْمِلُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا رَبُّ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ جَعْلُهُ تَبَعًا. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ. فَإِذَا شَرَطَ غِلْمَانًا يَعْمَلُونَ مَعَهُ؛ فَنَفَقَتُهُمْ عَلَى مَا يَشْتَرِطَانِ عَلَيْهِ. فَإِنْ أَطْلَقَا، وَلَمْ يَذْكُرَا نَفَقَتَهُمْ؛ فَهِيَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: نَفَقَتُهُمْ عَلَى الْمُسَاقِي، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْرُطَهَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى الْمُسَاقِي، فَمُؤْنَةُ مَنْ يَعْمَلُهُ عَلَيْهِ،


(١) وانظر: «المغني» (٧/ ٥٤٠) «البداية» (٤/ ٣٨ - ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>