الأول: لا تُسْتوفى الحدود بالحرم، وهو قول أحمد في رواية، وهو الأظهر في مذهبه، وابن حزم؛ لقوله تعالى:{وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}، وهو ظاهر قول ابن عباس المتقدم؛ فإنه قال:(من أصاب حدًّا، فدخل الحرم .. ) بل قد صرح بالسرقة كما سيأتي.
الثاني: تُستوفى الحدود دون القتل؛ لأن الحديث المتقدم فيه تحريم القتل فيها دون إقامة الحدود، وهذا قول أبي حنيفة، وأحمد في رواية. (١)
مسألة [٢١]: إذا اجتمع بغاةٌ في الحرم؟
قال الماوردي كما في «الفتح»(١٨٣٤): من خصائص مكة أن لا يحارب أهلها، فلو بغوا على أهل العدل؛ فإنْ أمكن ردهم بغير قتال؛ لم يجز، وإنْ لم يمكن إلا بالقتال، فقال الجمهور: يقاتلون؛ لأنَّ قتال البغاة من حقوق الله تعالى، فلا يجوز إضاعتها. وقال آخرون: لا يجوز قتالهم، بل يضيق عليهم إلى أن يرجعوا إلى الطاعة. قال النووي: والأول نصَّ عليه الشافعي.
قال الحافظ: وعن الشافعي قول آخر بالتحريم، اختاره القفال، وجزم به في «شرح التلخيص»، وقال به جماعةٌ من علماء الشافعية، والمالكية، واختار هذا الطبري، ومال إليه ابن العربي، والقرطبي، وابن دقيق العيد. انتهى بتصرف واختصار.
قلتُ: إنْ تعدَّى البغاة بالقتل؛ فيُقاتلون، ولو كانوا في الحرم؛ لقوله تعالى: {وَلَا