مسألة [٢]: هل للمحرم أن يأكل من صيد البر إذا اصطاده الحلالُ، وأهدى له؟
• في هذه المسألة أقوال:
القول الأول: يمنع المحرم من لحم الصيد مطلقًا، وهو قول الليث، والثوري، وإسحاق، وصحَّ عن علي، وابن عمر، وابن عباس -رضي الله عنهم-، أنهما كرهاه للمحرم على كل حال، كما في «تفسير ابن جرير»، وحُجَّةُ أهل هذا القول قوله تعالى:{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}، وحديث الصعب بن جثامة الذي في الباب، وحديث زيد بن أرقم في «صحيح مسلم»(١١٩٥)، أنه قال: أُهدِي إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عضو من لحم صيد؛ فرده، وقال: إنا لا نأكله؛ إنا حُرُمٌ.
القول الثاني: يجوز للمحرم أن يأكل من لحم الصيد الذي يُهدي له الحلالُ مطلقًا، وهو قول مجاهد، وابن جبير، وأصحاب الرأي.
واستدلوا بحديث أبي قتادة الذي في الباب، وحديث طلحة بن عبيد الله في «صحيح مسلم»(١١٩٧)، قال: أكلناه على عهد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
وحديث عمير بن سلمة في «موطأ مالك»(١/ ٣٥١)، وغيره أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خرج يريد مكة وهو محرم، فمر بالعرج، فإذا هو بحمار وحش عقير، فلم يلبث أن جاء رجل من بهز، فقال: يا رسول الله، هذه رميتي، فشأنكم بها. فأمر رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أبا بكر فقسمه بين الرِّفاق. وهو حديث صحيح.
القول الثالث: إن كان الحلال صاده للمحرم بأمره، أو دلالته، أو بغير أمره،