قلتُ: وكذلك دم الحيوان البري لا دليل على نجاسته كما تقدم، والإجماع لا يصح، ويستثنى من ذلك ما كان نجسًا كالكلب، والله أعلم.
[مسألة [٣]: هل يتعين الماء لغسل النجاسة؟]
• ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ الماء يتعين لإزالة النجاسة، واستدلوا بحديث أسماء:«ثم تقرصه بالماء».
• وذهب أبو حنيفة، وأبو يوسف، وهو رواية عن أحمد، إلى أنَّ النجاسة تزال بكل مائعٍ، طاهرٍ، وبكل ما أذهب عين النجاسة، واستدلوا على ذلك بحديث عائشة في «البخاري»(٣١٢)، أنها قالت: ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإذا أصابه شيء من الحيض قالت بريقها فقصعته بظفرها.
• وقال الشوكاني -رحمه الله- في «نيل الأوطار»(١/ ٧٦): والحقُّ أنَّ الماء أصلٌ في التطهير؛ لوصفه بذلك كتابًا، وسنةً، وصفًا مطلقًا غير مقيد، ولكن القول بتعينه وعدم إجزاء غيره يرده حديث مسح النعل، وفرك المني وحَتِّهِ، وإزالته بإذخره، وأمثال ذلك كثير، ولم يأت دليل بحصر التطهير في الماء، ومجرد الأمر به في بعض النجاسات لا يستلزم الأمر به مطلقًا، وغايته تعينه في ذلك المنصوص بخصوصه إنْ سلم.
ثم اختار الشوكاني -رحمه الله- أنَّ الماء يتعين في كل نجاسة؛ إلا ما جاء فيه نصٌّ كمسح الخفين بالتراب.