قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة:١٤٤]: وقد استدل المالكية بهذه الآية على أن المصلي ينظر أمامه، لا إلى موضع سجوده كما ذهب إليه الشافعي، وأحمد، وأبو حنيفة، قال المالكية: لقوله: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، فلو نظر إلى موضع سجوده لاحتاج أن يتكلف ذلك بنوع من الانحناء. اهـ
وقد استدل المالكية أيضًا بحديث خبَّاب في «البخاري»(٧٦١)، أنهم كانوا يعرفون قراءة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- باضطراب لحيته.
واستدل الجمهور بأنه ينظر إلى موضع سجوده بحديث أبي هريرة عند الحاكم (٢/ ٣٩٣)، والبيهقي (٢/ ٢٨٣): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان إذا صلَّى رفع رأسه إلى السماء تدور عيناه ينظر ههنا، وههنا، حتى نزل عليه:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}[المؤمنون:١ - ٢]، فطأطأ رأسه، ونكس في الأرض. وهذا الحديث الرَّاجح أنه من مراسيل ابن سيرين، وقد رجَّح المرسل البيهقي، والنووي، والذهبي، وابن كثير، وابن رجب، وغيرهم.