للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٥٣ - عَنْ أَبِي بُرْدَةَ الأَنْصَارِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ تَعَالَى». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (١)

المسائل والأحكام المستفادة من الحديث

مسألة [١]: ما المقصود بقوله: «إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله تَعَالَى»، وكم هو مقدار التعزير؟

قال ابن القيم -رحمه الله- في «أعلام الموقعين» (٢/ ٢٩): إِنَّ الْحَدَّ فِي لِسَانِ الشَّارِعِ أَعَمُّ مِنْهُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ؛ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِالْحُدُودِ: عُقُوبَاتِ الْجِنَايَاتِ الْمُقَدَّرَةِ بِالشَّرْعِ خَاصَّةً. وَالْحَدُّ فِي لِسَانِ الشَّارِعِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يُرَادُ بِهِ هَذِهِ الْعُقُوبَةَ تَارَةً، وَيُرَادُ بِهِ نَفْسَ الْجِنَايَةِ تَارَةً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة:١٨٧]، وَقَوْلِهُ: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة:٢٢٩]؛ فَالْأَوَّلُ حُدُودُ الْحَرَامِ، وَالثَّانِي حُدُودُ الْحَلَالِ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ حَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا» (٢)، وَفِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ: «وَالسُّورَانُ حُدُودُ الله» (٣)، وَيُرَادُ بِهِ تَارَةً جِنْسُ الْعُقُوبَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُقَدَّرَةً، فَقَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يُضْرَبُ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله» يُرِيدُ بِهِ الْجِنَايَةَ الَّتِي


(١) أخرجه البخاري (٦٨٤٨)، ومسلم (١٧٠٨).
(٢) أخرجه الدارقطني (٤/ ١٨٣ - ١٨٤)، من حديث أبي ثعلبة الخشني، وهو حديث حسن بشواهده. انظر «جامع العلوم والحكم» رقم (٣٠).
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ١٨٢)، وصححه شيخنا الإمام الوادعي -رحمه الله- في «الصحيح المسند» رقم (١١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>