للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُعَيَّنَ عَنْهُ وَيُجْزِئَ، وَهَذَا كَإِيجَابِ الرَّبِّ تَعَالَى الرَّقَبَةَ الْمُطْلَقَةَ فِي الْكَفَّارَةِ؛ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ، وَلَكِنْ أَيُّ رَقَبَةٍ عَيَّنَهَا الْمُكَلَّفُ وَكَانَتْ مُطَابِقَةً لِذَلِكَ الْمُطْلَقِ؛ تَأَدَّى بِهَا الْوَاجِبُ، وَنَظِيرُهُ هَاهُنَا: أَنَّ أَيَّ فَرْدٍ عَيَّنَهُ، وَكَانَ مُطَابِقًا لِمَا فِي الذِّمَّةِ؛ تَعَيَّنَ وَتَأَدَّى بِهِ الْوَاجِبُ. وَهَذَا كَمَا يَتَعَيَّنُ عِنْدَ الْأَدَاءِ إلَى رَبِّهِ، وَكَمَا يَتَعَيَّنُ عِنْدَ التَّوْكِيلِ فِي قَبْضِهِ؛ فَهَكَذَا يَتَعَيَّنُ عِنْدَ تَوْكِيلِهِ لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ أَنْ يُعَيِّنَهُ، ثُمَّ يُضَارِبَ بِهِ، أَوْ يَتَصَدَّقَ، أَوْ يَشْتَرِيَ بِهِ شَيْئًا، وَهَذَا مَحْضُ الْفِقْهِ، وَمُوجَبُ الْقِيَاسِ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ تَعَيُّنِهِ إذَا وَكَّلَ الْغَيْرَ فِي قَبْضِهِ، وَالشِّرَاءِ، أَوْ التَّصَدُّقِ بِهِ، وَبَيْنَ تَعْيِينِهِ إذَا وَكَّلَ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ أَنْ يُعَيِّنَهُ وَيُضَارِبَ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ؟ فَهَلْ يُوجِبُ التَّفْرِيقَ فِقْهٌ أَوْ مَصْلَحَةٌ لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا، أَوْ حِكْمَةٌ لِلشَّارِعِ فَيَجِبُ مُرَاعَاتُهَا؟ اهـ

قلتُ: وقول مالك (يفضي إلى الربا) غير صحيح؛ لأنَّ الزيادة إن حصلت فهي حصلت بعقد المضاربة، ولم تحصل مقابل التأخير، فتنبه.

وما رجحه ابن القيم هو الصواب، والله أعلم. (١)

[مسألة [٣٢]: إذا وكله في قبض دين من رجل آخر، ثم يضاربه به؟]

منع من ذلك مالك وغيره؛ لأنه فيه اشتراطًا على العامل بعمل شيء زائد على عمله المقرر شرعًا بقراضه، وأجاز الأكثر هذه الصورة؛ لانتفاء العلل التي ذكرت في المسألة السابقة، وهذا هو الصواب، والله أعلم. (٢)


(١) وانظر: «المغني» (٧/ ١٨٢) «أعلام الموقعين» (٣/ ٣٥٠ - ٣٥٢) «الإنصاف» (٥/ ٣٨٩ - ٣٩٠) «البداية» (٤/ ٢٦).
(٢) وانظر: «المغني» (٧/ ١٨٢) «بداية المجتهد» (٤/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>